الجمعة، 14 يونيو 2013

جنى الحمام 2

- "يا لطيف".. صاح ياسر مجددا .. هذه المرة وكأنه يصرخ بلسان حالنا جميعا، فالرعب أخذ منا كل مأخذ. وسادت لحظات من الصمت والترقب قبل أن يتابع زكي قائلا :
- "زوجة خالي كاد أن يغشى عليها حين سمعت ما قالته أبنتها الصغيرة، وأقسمت بأنها لن تبقى في ذلك المنزل المرعب دقيقة واحدة. والحقيقة هي أن خالي أيضا كان يشعر بخوف شديد مما يجري بالرغم من تظاهره بالتماسك والشجاعة أمام زوجته. لكن الكيل طفح في ذلك المساء، ولم يعد في قوس الصبر منزع، فجمع خالي وزوجته ما خف حمله من ثياب وغادرا المنزل على عجل مع أطفالهم، ولم يعد خالي إلى منزل الرعب ذاك مرة أخرى إلا من أجل جمع أثاثه وأغراضه".
- "يالها من قصة" .. قال مهند وهو يرمقنا بنظرة فاحصة ثم أردف قائلا : "أظن بأن الجني قد أعجب بزوجة خالك وعشقها، فهي كما تقول امرأة بارعة الجمال، وقد أحتال لنفسه بالتصور في هيئة خالك .. ولولا بنت خالك الصغيرة لما اكتشفوا أمره أبدا، فالأطفال يستطيعون رؤية ما لا نراه .. لأنهم أبرياء أنقياء".
- "جن يعشق البشر! .. هذا لا يعقل" .. قلت أنا مدهوشا.
- "نعم يحدث ذلك كثيرا .. فرجال الجن قد يعجبون بنساء الأنس .. ونساء الجن قد يعشقن رجال الأنس" .. قال مهند وأيده ياسر قائلا :
- "هذا صحيح .. وقد حدث شيء من هذا القبيل لإحدى قريباتي الجامعيات .. ففي مرة كانت تغتسل في الحمام، وكانت تقف تحت دش الماء وهي مغمضة العينين حين أحست فجأة بشعور غريب وإحساس لا يقاوم لكي تفتح عينيها .. ففتحتها لتجد أمامها قزم بشع ذو رأس ضخم، كان وجهه داكن ومخيف، وعينان حمراوان كأنهما شعلتا نار .. ومن هول الصدمة والفزع أغشي على قريبتي تلك على الفور، وحين استعادت وعيها كان القزم قد اختفى .. ومن حينها بدأ أهلها يلحظون بعض التغيرات الطارئة على تصرفاتها .. فأصبحت كثيرة الشرود ولا تتحدث كثيرا .. وصارت تتضايق بشدة عند سماع تلاوة القرآن .. وتستحم أكثر من مرة في نفس اليوم .. فشك أهلها في إصابتها بالمس الشيطاني وعرضوها على احد المشايخ .. وقد أكد الشيخ شكوكهم فأخبرهم بأن جنيا قد عشق أبنتهم وتلبس جسدها .. ولم يتمكن الشيخ من إخراج الجني إلا بشق الأنفس، وبعدها عادت الفتاة إلى طبيعتها الأولى".
عيناه حمراوان كأنهما شعلتا نار ..
- "بالفعل مثل هذه الأمور تحدث كثيرا .. للنساء والرجال .. وتلك القصة شبيهة بما حدث لأحد أقربائي" .. قال زكي وهو يتأهب لسرد وقائع قصة جديدة .. لكني قاطعته صارخا :
- "كفى .. أرحمونا .. لا نريد سماع المزيد" .. قلتها بعصبية واضحة ثم قمت تاركا أصدقائي حتى من دون أن أودعهم، وعدت إلى منزلي وأنا أشعر بالخوف يهز كياني هزا، ولا أخفيكم بأني لم أستطع النوم بسهولة تلك الليلة، ولازمني الخوف لعدة ليال ، فلم أكن أطيق البقاء وحيدا في حجرتي، وصار عندي نفور كبير من دخول الحمام، حتى أنتبه أهلي لذلك، وأصروا على أن أغتسل لكي لا أؤذي الآخرين برائحة جسدي، فاغتسلت مجبرا، وبأسرع ما أستطيع، وقد حرصت على أن لا أغمض عيني للحظة، ولم يطرف لي جفن حتى عندما كنت أشعر بحرقة الصابون .. فبعد هذه الحكايات التي سمعتها .. من يدري ماذا يخبأ لي الحمام ؟!.
* ملاحظة من الكاتب : أنا لم أرى جنيا في حياتي .. وليست لدي رغبة في رؤية أحدهم .. ولا أعلم يقينا مقدار صحة وحقيقة الحكايات التي أوردتها ضمن هذه القصة، فأنا كنت قد سمعتها فعلا من بعض أصدقائي الذين زعموا بأنها حقيقية .. وعليه فأن خيار تصديق أو تكذيب هذه القصص متروك لك بالكامل عزيزي القارئ.
النهايه

جنى الحمام


لماذا يسكن الجن في الحمامات ؟! ..
لم يكن في الشارع سوانا في ذلك المساء البارد، كنا أربعة أصدقاء مجتمعين حول موقد نار صغير وقوده بقايا الأوراق وسعف النخيل، تظللنا شرفة كبيرة مطلة على الشارع. كان الهواء ثقيلا مشبعا بالرطوبة والسماء ملبدة بغيوم سوداء كثيفة تجود علينا بين الحين والآخر بزخات مطر قصيرة يصحبها برق ورعد.
كان الشارع خاليا تماما ..
ماذا كنا نفعل في الشارع في تلك الساعة .. لا أعلم ؟ .. نزق شباب .. وملل .. ورغبة في تدخين سيجارة بعيدا عن أنظار الأهل. ففي ذلك الوقت، قبل أكثر من عقدين من الزمان، لم تكن خيارات الترفيه كثيرة ومنوعة كما هي اليوم، لم يكن هناك حاسوب ولا موبايل ولا قنوات أم بي سي الفضائية! .. كان الشارع هو الملاذ الأكثر شعبية لمعظم الأولاد والشباب.
ومن بين جميع الليالي التي قضيناها على رصيف ذلك الشارع، علقت تلك الليلة بذهني حتى يومنا هذا، ليس فقط لأنها باردة وموحشة ومخيفة.. وإنما أيضا بسبب طبيعة الحديث الذي تطرقنا إليه في تلك الجلسة .. حديث يعكس معتقدات شريحة واسعة من الناس حول الجن والبيوت المسكونة.
* * *
- "أغلب الحمامات مسكونة بالجن" .. همس صديقي ياسر وهو يتلفت يمنة ويسرة كأن أحدا يراقبه ويرصد كلماته.
- "ولماذا الحمام ؟! " .. قلت متعجبا، فأنا لم أستوعب لماذا يختار الجني السكن في الحمام دونا عن بقية حجرات وأقسام المنزل المريحة.
- "لأن أسم الله لا يذكر في الحمام .. هذا ما تقوله جدتي" .. أجاب ياسر وهو يخفض صوته أكثر وقد اكتسى وجهه بنظرة جبانة لا تخطئها العين. وكنت أعجب كثيرا لحال صديقي هذا، فمن ناحية هو أشد المتحمسين لقصص الجن ، ومن ناحية أخرى هو أكثرنا خوفا وهلعا من تلك القصص! .. فتراه يرتجف رعبا وهو يقص علينا حكايات جدته التي لا تنضب أبدا.
- "نعم .. هذا صحيح" .. قال صديقنا الآخر، وأسمه مهند، مؤكدا كلام ياسر .. وأسترسل قائلا بثقة .. "في كل حمام يوجد جني .. بعضهم طيب .. والبعض الآخر شرير".
- " أنا لا أصدق ذلك .. هل لديك دليل على ما تقول ؟ " .. قلت محتدا وأنا أشعر بانزعاج شديد من هذا الحديث الذي يتسبب لي غالبا بكوابيس مرعبة ويجعلني أخاف النوم وحيدا في حجرتي . وكم وددت لو أتمكن من تغيير مجرى الحديث ، لكني لم أرد أن اظهر بمظهر الخائف الجبان أمام أصدقائي.
- "نعم .. لدي دليل" .. رد مهند بنبرة يشوبها شيء من التحدي ثم تابع قائلا .. "سأحدثكم عن قصة كنت شاهدا عليها .. فقد حدث قبل سنوات، في أحد فصول الشتاء الباردة، أن استيقظت والدتي مبكرا كعادتها لصلاة الفجر. فوالدتي امرأة متدينة وحريصة على أداء الفروض في مواقيتها منذ نعومة أظفارها . وهي تحتاط كثيرا لنظافة وطهارة المنزل .. وفيما هي تتوضأ سمعت والدتي صوت خرير الماء يتدفق في الحمام ، فانزعجت وحسبت بأن أحد أخوتي نسى الماء مفتوحا بعد اغتساله، وهمت بدخول الحمام لإغلاق الحنفية. لكنها تجمدت في مكانها ما أن فتحت النور داخل الحمام، ففي الداخل كانت هناك امرأة عجوز شعرها أبيض كالقطن ، ترتدي ثوبا أبيض طويل، وتمسك بيدها مكنسة، وكانت مشغولة بغسل الحمام بعناية كبيرة! .. ولأن أمي امرأة شديدة الإيمان ولا تخاف سوى الله فقد صرخت بتلك المرأة العجوز وسألتها عن سبب وجودها في حمامنا؟ .. فرفعت العجوز رأسها واستدارت نحو أمي، وأحست أمي ببرودة عجيبة تسري في جسدها ما أن التقت عيناها بعين العجوز، فرغم أن وجهها كان يوحي بالطيبة ويبعث على الاطمئنان، لكن عيناها كانتا مخيفتان جدا .. كانتا أشبه بعيون القطط ..وكانتا تلمعان وتتوهجان بشكل غريب ..".
وهنا سكت مهند ليستقرأ وقع كلامه علينا ، ولا أخفيكم بأن الخوف والفضول وسكون الليل من حولنا كان قد ألجم أفواهنا إلى درجة أنك لو ألقيت إبرة بيننا لسمعت صوت ارتطامها بالأرض بوضوح!. ويبدو بأن هذا المشهد قد راق لصديقنا مهند فأسترسل في صمته كأنه يود تعذيبنا أكثر حتى صاح به صديقنا ياسر أخيرا وهو يبتلع ريقه بصعوبة : "وماذا حدث بعد ذلك .. اخبرنا؟".
عجوز ترتدي ثوبا أبيض في حمامنا ! ..
فتنحنح مهند قليلا في جلسته كأنه يتهيأ لإلقاء خطاب، وقد سره تشوقنا لمعرفة بقية القصة، ثم تابع قائلا : "العجوز قالت لأمي بنبرة لطيفة : أرجوكِ اخبري أولادكِ أن لا يتبولوا في الحمام .. أنا أسكن هنا منذ سنين طويلة وأنا مرتاحة معكم لأنكِ امرأة مؤمنة وطاهرة .. لكن تبول أولادكِ في الحمام يؤذيني وقد يدفعني للرحيل .. وما أن أتمت العجوز كلامها حتى أنطفأ نور الحمام من تلقاء نفسه .. وحين فتحت والدتي النور مرة أخرى كانت العجوز قد اختفت تماما! .. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم سألتنا أمي حول ما إذا كان أحدنا قد تبول في الحمام فأعترف شقيقي الأصغر بأن دورة المياه كانت مشغولة فأضطر للتبول في الحمام .. ومنذ ذلك الحين تحرص أمي أشد الحرص على طهارة ونظافة الحمام لكي لا تؤذي ساكنيه".
- "هذه قصة غريبة حقا! " .. قلت أنا متحيرا.
- "لا ليست غريبة كما تظن ، فتلك العجوز من الجن الأخيار، ووجودها في البيت بركة .. وهناك لعلمك قصص أغرب بكثير من هذه القصة " .. قال صديقنا زكي ثم أستطرد بنبرة حزينة : "كما حدث مع خالي المسكين وعائلته ..".
- "وما قصة خالك ؟" .. تسأل ياسر بفضول.
فقال زكي : "قبل عدة سنوات .. أستأجر خالي منزلا قديما وسط البلدة وأنتقل للسكن هناك مع عائلته. كان المنزل بحالة سيئة، كان مهجورا لفترة طويلة .. وكان شرقي الطراز .. أي في وسطه باحة كبيرة تحيط بها الحجرات من كل جانب ويصعد منها سلم إلى الطابق الثاني. وكان الحمام مشتركا مع دورة المياه ويقعان أسفل السلم" ..
- "هذا خطأ كبير .. يجب أن لا يوضع الحمام إلى جانب دورة المياه" .. قال مهند مقاطعا.
- "وما الضير من ذلك ؟" .. تساءلت أنا.
- "لأن دورة المياه مكان النجاسات .. والحمام مكان يتعرى فيه الناس من ثيابهم .. واجتماع النجاسة مع العري يجذب الشياطين وقد يتسبب بالمس الشيطاني".
- "هراء " .. قلت أنا بشيء من الحدة وأردفت معترضا : "نحن لدينا دورة مياه وحمام مشتركة في شقتنا ولم يحدث لا مس شيطاني ولا هم يحزنون .. لماذا تضخمون الأمور ؟!".
- "أنا لم أقل بأنه سيحدث حتما .. قلت بأنه قد يتسبب بالمس الشيطاني .. أي أن احتمال حدوث ذلك يتزايد في حالة دورة المياه المشتركة مع الحمام" .. أجاب مهند بشيء من النرفزة وساد صمت ثقيل قطعه ياسر أخيرا قائلا : "دعونا من هذا الجدل .. أرجوك يا زكي .. أكمل قصة عمك رجاءا".
فأطرق زكي قليلا كأنه يحاول تذكر الأحداث ثم تابع قائلا : "لم تمض فترة قصيرة على سكن خالي وعائلته في ذلك المنزل حتى بدأت تقع أمور في غاية الغرابة .. فخالي وزوجته وأطفاله الصغار كانوا ينامون جميعا في حجرة كبيرة واسعة في الطابق الأرضي .. وفي إحدى الليالي استيقظ خالي مذعورا على صوت باب الغرفة وهو يفتح من تلقاء نفسه ووقع خطوات في الباحة .. فهرع خارجا ظنا منه بأن لصا قد تسور المنزل ليسرقه .. لكنه تفاجأ بخلو المكان تماما! .. فتش المنزل بأسره .. لم يكن هناك أحد! .. كان الأمر غريبا .. والأغرب من ذلك هو تكراره في الليالي اللاحقة .. واستفحاله بالتدريج  .. فأصبحت لأنوار تضاء في الغرفة من تلقاء نفسها .. والتلفزيون يعمل فجأة من دون أن يلمسه أحد .. وفي كثير من الأحيان كانوا يسمعون صوت شخص يتحدث ويضحك بصوت خافت .. كان الصوت يأتي من جهة الحمام ودورة المياه ..وكانت هذه الأمور تحدث غالبا في ساعة متأخرة من الليل ..".
- " أعوذ بالله .. ولهذا السبب أنا أكره البيوت القديمة" .. قال ياسر بصوت متهدج وقد شحب وجهه.
وتابع زكي قائلا : "أغرب ما في الأمر هو أن ابنة خالي الصغيرة .. وهي طفلة عمرها ثلاث سنوات ونصف .. كانت تخبر أمها ببراءة عن رؤيتها لشخص غريب يدخل ويخرج من جهة الحمام أسفل السلم .. قالت بأن جسده كان عاريا .. وقدمه شكلها عجيب .. كالحافر .. تشبه أقدام الماعز .. لكن خالي لم يصدق أقوال الطفلة وظن بأنها تتخيل تلك الأمور".
قدمه كأقدام الماعز ..
- "يا لطيف!" .. صاح ياسر مرعوبا وقد أنتفض جسده بالكامل على صوت الرعد الهادر فجأة، والغريب هو أننا لم نضحك عليه كما نفعل عادة في هذه المواقف. فنحن في الحقيقة لم نكن أقل منه رعبا وهلعا في تلك اللحظة.
أما زكي فقد انتشى للأثر الذي تركه حديثه في نفوسنا فقال بلهجة فيها الكثير من التيه والتمنع المصطنع : "هل تريدوني أن أكمل القصة أم لا ؟ .. أنا أحذركم .. فالقادم أكثر رعبا".
وكم وددت لو أنه يصمت ويرحمنا من هذا الرعب، لكن مهند سارع قائلا : "لا أرجوك أكمل القصة يا زكي".
فتابع زكي قائلا : "بعد فترة حدث شيء غير متوقع .. فخالي بدأ بالعودة إلى المنزل يوميا عند الظهيرة، ولم تكن من عاداته وطبائعه أن يترك العمل ليعود إلى المنزل في تلك الساعة من النهار، والعجيب هو أنه كان يغادر المنزل ثانية قبل عودة الأطفال من المدرسة بقليل. وقد لاحظت زوجة خالي تغيرا مدهشا في تصرفاته حين يعود مبكرا، فكان يصبح أكثر لطفا ورقة .. واستمر هذا الحال حتى تشاجر خالي مع زوجته في احد الأيام لسبب ما، وكانت زوجة خالي امرأة بارعة الجمال، وأثناء المشاجرة قالت لخالي : من يراك حين تعود في المساء لا يصدق بأنك نفس الشخص الذي يكون هنا عند الظهيرة! .. فتعجب خالي أشد العجب من قولها .. وأقسم بأنه لم يكن هنا ساعة الظهيرة وبأنه لم يعد يوما إلى المنزل قبل انتهاء عمله عند المساء .. فحلفت زوجته بأغلظ الأيمان بأنه كان يعود إلى المنزل يوميا عند الظهيرة ويغادر قبل عودة الأطفال من المدرسة .. وأشهدت على كلامها طفلتها الصغيرة .. فأيدت البنت أمها وقالت ببراءة كبيرة : نعم .. بابا كان يعود يوميا عند الظهيرة .. ثم أردفت قائلة بسذاجة : لكن قدم بابا عند الظهيرة لا تشبه قدمه الآن .. لأن قدمه تكون شبيهة بقدم الماعز!!".
مستمره
كام واحد بيحب قصص الرعب كمان شويه انا هنزل قصه مرعبه جدا اللى يخاف ميقرهاش ^_^
وفي عام 1883 حدثت أول إصابة بالمرض داخل عائلة جورج بروان إذ أخذت زوجته ماري تسعل بشدة و كان سعالها مصحوبا بالدم و هذه هي أول أعراض مرض السل الذي سرعان ما يتطور إلى حمى و الآم في الصدر و صعوبة في التنفس إضافة إلى الهزال و الوهن. و تختلف مقاومة الناس للمرض من شخص إلى آخر فالبعض يموتون خلال عدة أشهر فقط فيما قد تستمر معاناة البعض الآخر إلى عدة سنوات و قد كانت ماري براون من النوع الأخير إذ قاومت المرض لقرابة الثلاث سنوات وماتت عام 1886 , و خلال سنوات مرضها الطويلة نقلت الأم ماري البكتيريا المسببة للمرض إلى بقية أفراد العائلة فأصيبت الابنة الكبرى و اسمها ماري أيضا بالمرض و ماتت بعد عامين من المعاناة في عام 1888. ورغم خسارته الفادحة إلا إن المصيبة الأشد وقعا على الأب جورج براون كانت إصابة ابنه الوحيد أدوين بالمرض عام 1890 لذلك بذل الغالي و النفيس لأرسله إلى إحدى المصحات خارج الولاية على أمل أن يشفيه المناخ المعتدل و الطعام الجيد. ثم لم تمض مدة طويلة حتى أصيبت ابنته ميرسي ذات التسعة عشر ربيعا بالمرض أيضا , وعلى العكس من أمها و شقيقتها فأن ميرسي سرعان ما فارقت الحياة خلال أشهر قليلة وذلك في شتاء عام 1892 , و لأن الصقيع و البرد كان قد أدى إلى تجمد التربة في ولاية  رود ايسلند لذلك أصبح الحفر فيها أمرا غاية في الصعوبة و لهذا السبب فقد تم دفن تابوت ميرسي براون موقتا داخل قبو الكنيسة بانتظار حلول الصيف لكي تدفن في المقبرة بشكل دائم.
في أواخر عام 1892 عاد الابن أدوين إلى منزل والده. لقد عاد ليموت في بيت العائلة إذ فشل العلاج في شفائه و اخبره الأطباء أن أيامه في الدنيا معدودة. واخذ جيران جورج براون و أصدقائه يتأسفون على ما الم به من مصائب كما اخذوا يتهامسون سرا عن احتمال وجود مصاص دماء في عائلته إذ كان الناس في ذلك الزمان يعتقدون أن الميت قد يتحول أحيانا إلى مصاص دماء ويقوم بالتردد على المنزل الذي كان يعيش فيه و يبدأ بمص الحياة من أجساد أفراد عائلته الأصحاء واحدا بعد الأخر فيصيبهم بالهزال و المرض , و مما عزز هذا الاعتقاد لدى الناس هو المدة الطويلة التي يستغرقها مرض السل في قتل ضحاياه و ما يصيبهم خلال هذه المدة من الهزال و الضعف و الشحوب كأنما هناك شيء ما يستل الحياة من أجسادهم بالتدريج. وقد ازدادت قناعة جورج بروان بقصة مصاص الدماء بعد ان استيقظ ابنه أدوين مرعوبا في إحدى الليالي و اخبره بأنه شاهد في حلمه شبح أخته الميتة ميرسي وقد أحاطت بجسده و أخذت تمتص روحه , وبعد هذه الحادثة صمم جورج على القيام بنبش قبر زوجته و ابنتيه لمعرفة أيهم تحولت إلى مصاص دماء.
في احد أيام الباردة و الغائمة من شهر آذار / مارس 1892 توجه جورج براون بمعية بعض أصدقائه و جيرانه إلى المقبرة للتخلص من لعنة مصاص الدماء أملا في إنقاذ حياة ابنه أدوين , في البدء نبشوا قبر الأم ماري , و لأن قرابة العشر سنوات كانت قد مضت على موتها لذلك فأنها كانت قد تحولت إلى مجرد عظام , ثم نبشوا قبر البنت الكبرى ليجدوا أن جثتها هي الأخرى قد تفسخت تماما , وأخيرا نبشوا القبر المؤقت للابنة ميرسي التي كان قد مضى على موتها شهران فقط ليفاجئوا بأن جثتها كانت سليمة تماما كأنها ماتت توا و هو الأمر الذي أثار دهشتهم كما لاحظوا بقعا من الدم كانت تغطي فمها لذلك أيقنوا بأنها ضالتهم التي كانوا يبحثون عنها و أنها  تحولت حقا إلى مصاصة دماء. وحسب معتقدات ذلك الزمان فأنه للقضاء على مصاص الدماء كان يجب إخراج قلبه و إحراقه , و لأن جورج لم يجد القوة و الجرأة على فعل ذلك بجثة ابنته لذلك قام احد أصدقائه بشق صدرها ثم انتزع قلبها بيده , و لشدة دهشة الجميع فقد انفجر الدم من عروق القلب و شرايينه و تدفق بغزارة كأنما كان لايزال ينبض بالحياة وهو الأمر الذي زاد من قناعتهم في أن ميرسي هي مصاصة دماء حقيقية فقاموا بانتزاع رئتها أيضا و وضعوها مع القلب على صخرة جرداء ثم أشعلوا النار فيهما حتى تحولا إلى رماد , و في المساء عاد جورج براون إلى منزله حاملا معه رماد قلب ابنته حيث قام بمزجه مع الماء و سقاه لأبنه المريض أدوين لأن الاعتقاد الذي كان سائدا آنذاك هو أن شرب مزيج رماد قلب مصاص الدماء مع الماء يمكن أن يشفي ضحاياه , لكن لسوء حظ الأب جورج فأن هذا العلاج السحري لم ينفع مع أدوين الذي لم يلبث أن فارق الحياة بعد شهرين فقط. لكن رغم وفاة أدوين فأن جيران جورج براون و رفاقه لم يعترفوا بخطأ ما قاموا به من تدنيس لجثة ميرسي بل على العكس زادت قناعتهم بصحة ما فعلوه واستدلوا على ذلك في أن أي شخص آخر من عائلة جورج براون لم يصاب بمرض السل بعد ذلك. و منذ ذلك الحين و لأكثر من قرن من الزمان اشتهرت قصة ميرسي براون خاصة بعد أن أضيفت إلى قصتها الكثير من الأكاذيب والخرافات فأصبح قبرها مزارا للعديد من عاشقي قصص مصاصي الدماء و كانوا يضعون الزهور السوداء عند قبرها , كما قام احدهم عام 1992 بسرقة شاهد القبر.
رغم إيمان بعض الناس بأن ميرسي براون كانت مصاصة دماء حقيقية إلا إن الأطباء لهم رأي آخر في القضية , فهؤلاء لا يؤمنون قطعا بوجود مصاصي الدماء و يدحضون جميع القصص التي تتحدث عنهم , وبالنسبة إلى قصة ميرسي براون فهم يعتقدون إن السبب الحقيقي في عدم ظهور أي من علامات التحلل على جثتها يعود بالأساس إلى البرد القارص لشتاء ولاية رود ايسلند  و الذي حول قبو الكنيسة التي دفنت به الجثة مؤقتا إلى ما يشبه الثلاجة مما ساهم بشكل كبير في حفظها بصورة جيدة و سليمة رغم مرور شهرين على وفاتها , أما سبب وجود بقع الدم على الفم فيعزوه الأطباء إلى آثار مرض السل فمن معروف أن مرضى السل يعانون من امتلاء رئاتهم بالدم و لذلك هم ينفثوه إلى الخارج أثناء سعالهم فتتلوث به شفاههم و أطراف أفواههم.
أما علماء الاجتماع فيعزون إيمان الناس آنذاك بمصاصي الدماء إلى كونه التفسير الوحيد المقنع للأمراض و الأوبئة التي كانت تصيبهم , فهؤلاء الذين كانوا يفقدون أعزائهم واحدا بعد الأخر من دون أن يجدوا تفسيرا لهذا الموت الداهم و من دون أن يتمكنوا من عمل أي شيء لمساعدتهم كانوا بحاجة إلى شيء ما يضعون اللوم عليه فيما أصابهم  فاخترعوا لهذا الغرض أنواع الأرواح الشيطانية و المخلوقات الشريرة. أن الأمر برمته كان أشبه بهستيريا جماعية تصيب الناس خاصة بعد حدوث الكوارث و الأزمات (في العصر الحديث يتجه الناس إلى الدين للتنفيس عن احباطاتهم) , ففي أوربا مثلا قضت المجاعة الكبرى و الطاعون الأسود على ثلثي سكان القارة العجوز في القرن الرابع عشر فكانت هناك عوائل أبيدت عن بكرة أبيها و أخرى فقدت معظم أفرادها و كرد فعل على هذه النوائب و الخسائر الفادحة التي ألمت بالمجتمع فأن الناس بدءوا يبحثون عن شيء يحملونه وزر مصائبهم و ينفسون به عن غضبهم و خوفهم و بالطبع فقد قد وجدوا ضالتهم في حلقات المجتمع الأضعف و التي لا تتمتع بالحماية فهاجموا اليهود أولا وطاردوهم في كل مكان و أشبعوهم قتلا و حرقا تحت تهمة الحقد على العالم المسيحي و تدبير المكائد لتدميره , ثم اخذوا بعد ذلك يطاردون النساء و يتهمونهن بممارسة السحر فظهرت محاكم التفتيش سيئة الصيت التي راح ضحيتها قرابة المائة ألف امرأة خلال العصور الوسطى , و هكذا و بالتدريج أخذت أساطير و خرافات مصاصي الدماء و المستذئبين تنتشر في تلك المجتمعات الموبوءة بالجهل و الاستبداد و مختلف الإمراض و العاهات النفسية و الجسدية.
إضافة إلى كل ما تقدم فأن الباحثين يعتقدون أن مرض السل بالذات لعب دورا كبيرا في انتشار خرافة مصاصي الدماء و رواجها , فهذا المرض يستنزف ضحاياه بالتدريج فيصيبهم بالهزال و تغور أعينهم في محاجرها و تشحب جلودهم حتى يصبحون حساسين تجاه الضوء و غالبا ما تكون أفواههم مغطاة بالدماء التي ينفثوها من الرئتين أثناء السعال , و هذه الأعراض المصاحبة للمرض شبيهة إلى درجة كبيرة بأوصاف شخصية مصاص الدماء كما تخيلها الناس في العصور الوسطى.
النهايه

ميرسي براون .. أشهر مصاصة دماء في أمريكا‏

غامضون يتمتعون بقوى خارقة و يتحركون بخفة و رشاقة تحت جنح الظلام للبحث عن ضحاياهم. يحبون الدماء ‏و الجنس و لديهم أحيانا حس الدعابة , هذه هي صورة مصاصي الدماء كما تصورها أفلام الرعب الحديثة حتى ‏غدا مصاص الدماء لا يخيف أحدا بل على العكس تحول إلى شخصية محببة تتجسد دائما في صورة شاب غامض ‏وسيم أو في لباس حسناء رشيقة تستخدم مفاتن جسدها كطعم لاصطياد ضحاياها. لكن هذه الصورة النمطية التي ‏رسمتها السينما الحديثة لمصاصي الدماء تختلف كليا عن الصورة التي كانت مرسومة في مخيلة الناس البسطاء ‏خلال القرون الخوالي حيث راجت آنذاك قصص الموتى الإحياء الذين يمتصون أرواح ضحاياهم خلال الليل ثم ‏يعودون إلى قبورهم قبل بزوغ الشمس , و قد بذل الأهالي الخائفون , كما في قصتنا هذه , كل ما في وسعهم ‏للتخلص من تلك الأرواح الشريرة.‏

عندما نبشوا قبرها وجدوا جثتها سليمة تماما كأنها ماتت توا

الى اليسار شاهد قبر ميرسي براون الحقيقي و الى اليمين صورة متخيلة لمصاصة الدماء
هناك الكثير من المخلوقات المرعبة في فلكلور الشعوب , بعضها أصبح نسيا منسيا بمرور الزمن و تنامي وعي الناس و ثقافتهم فيما نال بعضها الأخر قسطا كبيرا من الشهرة بفضل ظهور المطبوعات الحديثة و بزوغ عصر السينما فأصبحت هذه المخلوقات جزءا لا يتجزأ من ثقافة الرعب العالمية. وقد تكون شخصية مصاص الدماء هي إحدى أكثر الشخصيات المرعبة شهرة في هذا المجال , فهي شخصية امتزج فيها الخوف بالغموض و الإثارة بالإغراء فأصبحت محببة إلى القلوب و صار لها عشاقها و مريدوها في جميع أنحاء العالم , بل أصبح هناك اعتقاد لدى بعض الناس بأن هناك مصاصو دماء حقيقيين وأنهم حقا يعيشون متخفين بيننا يتحينون الفرص للانقضاض على طرائدهم البشرية. و ربما تكون أنت أيضا عزيزي القارئ قد تساءلت مع نفسك حول حقيقة شخصية مصاص الدماء , أين نشأت ؟ وهل هناك سند تاريخي أو قصص حقيقية تؤيد وجودها ؟.
أن شخصية مصاص الدماء (Vampire ) موجودة في فلكلور و تراث معظم الشعوب الأوربية تحت مسميات مختلفة إلا ان منطقة البلقان و شرق أوربا تعتبر من أكثر الأمكنة التي تجذر إيمان الناس فيها بوجود مصاصي الدماء , و ربما يكون لتاريخ المنطقة الدموي الحافل بالمجازر والأوبئة  و الجهل و الفقر المدقع الدور الأكبر في توفير البيئة الأكثر ملائمة لنمو و انتشار الخرافات عن هذه المخلوقات المرعبة التي غالبا ما كان يلقى على عاتقها مسؤولية الإحداث المؤلمة التي كانت تصيب الناس هناك و ما أكثرها. و من هذه البيئة البائسة أيضا استقى الروائي الايرلندي برام ستوكر روايته الشهيرة "دراكولا" التي تعتبر الأساس و المنبع الذي بنيت عليه شخصية مصاص الدماء الحديثة والتي غالبا ما نشاهدها على الشاشة , فهذه الرواية تعتبر مزيجا بين سيرة عدة شخصيات تاريخية حقيقية و بين مجموعة من الخرافات المحلية التي تداولها الناس لقرون , فالكونت فلاد الرابع الملقب بدراكولا هو شخصية حقيقية عاشت في رومانيا واشتهرت بدمويتها و قسوتها المنقطعة النظير , و في بلغاريا المجاورة اشتهرت الكونتيسة إليزابيث باثوريالتي قيل أنها كانت تقتل الفتيات الشابات و تستحم في دمائهن , كما كانت هناك مجموعة كبيرة من الأساطير حول العالم تتحدث عن الموتى الذين تحولوا إلى مصاصي دماء فاخذوا يهاجمون الناس و يقتلوهم. و إحدى هذه القصص الشهيرة هي قصة الشابة الأمريكية ميرسي براون التي يقال ان قصاصة من الجريدة التي نشرت قصتها وجدت ضمن أورق الروائي برام ستوكر بعد موته , أي أنها كانت إحدى المصادر التي استلهم منها تأليف روايته الشهيرة.
ميرسي براون (Mercy Brown ) أو لانا كما كان أصدقائها ينادونها , هي فتاة جميلة ولدت عام 1873 , كان والدها مزارعا و مربيا للخيول اسمه جورج براون وكانت عائلته تتكون من زوجته ماري إضافة إلى خمس بنات و صبي واحد عاشوا جميعا في منزل ريفي متواضع يقع ضمن مزرعتهم الصغيرة الواقعة خارج مدينة ايكستر في ولاية رود ايسلند الأمريكية. كانت العائلة مثلها مثل اغلب عوائل الريف تعيش حياة بسيطة و هادئة لا يعكر صفوها شيء و لا يكسر رتابتها سوى الذهاب إلى الكنيسة أيام الآحاد والالتقاء ببقية الجيران.
لكن هؤلاء المزارعين البسطاء لم يكونوا يعلمون بما يخبئه لهم القدر من مصائب ستحيل قادم أيامهم إلى أوقات كالحة السواد , ففي ذاك الزمان أي في أواخر القرن التاسع عشر , كان مرض السل الذي لم يكن له أي علاج آنذاك ينتشر بشكل وبائي في إنحاء واسعة من الولايات المتحدة حاصدا في طريقه آلاف الأرواح.
مستمره

احفاد دراكولا بلده مصاصين الدماه ادهشت العالم 2

1 - الخازوق هو وتد أو عمود خشبي طويل ومدبب الرأس يقومون بإدخاله في شرج المحكوم عليه بالموت ثم يرفعوه ويثبتوه بالأرض بشكل عمودي بحيث يبدو المحكوم من بعيد كأنه جالس أو طائر في الهواء ويترك على هذه الحالة ليدخل الرأس المدبب في جسمه بالتدريج فيكون موته بطيئا وقد يستمر لعدة أيام وأحيانا يخرج الخازوق من فمه، ويقال أنهم كانوا يطعمون المحكوم أحيانا بأكلات مسهلة للبطن ليزيدون من عذابه لأنه لا يستطيع التغوط.
أكثر من استعمل هذه الطريقة هم الأتراك العثمانيين ومنها أتت كلمة الخازوق العربية، وقد تعلم دراكولا هذه الطريقة حين كان أسيرا في البلاط العثماني لعدة سنوات ثم أسرف في استعمالها مع أعداءه و مع أسرى الحرب حين عاد إلى رومانيا حتى أن الناس أطلقوا عليه اسم فلاد المخوزق، ويقال انه قام في إحدى المناسبات بخوزقة عشرين ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال في يوم واحد.
النهايه

أحفاد دراكولا .. بلدة مصاصين دماء أدهشت العالم

قد يبدو عنوان هذه المقالة مثيرا بعض الشيء، وقد تظن عزيزي القارئ انه لمجرد لفت الانتباه وجذب القراء، ‏لكن اسمح لي بأن أخيب ظنك لأن قصتنا لهذا اليوم كتبت عنها العديد من الصحف العالمية الشهيرة والمرموقة، ‏ولأن وقائعها حدثت في قلب أوربا قبل عدة سنوات فقط فأثارت دهشة العالم ليس فقط لغرابتها ولكن لحقيقة وجود ‏أناس في القرن الحادي والعشرين لازالوا يؤمنون بقوة بمصاصي الدماء ويقومون بطقوس مخيفة تحيطها السرية ‏التامة والتكتم الشديد من اجل محاربتهم والقضاء عليهم. لكن ما كشف المستور وفضح المخفي هو اتصال تلفوني ‏أجرته إحدى السيدات مع الشرطة حول انتهاك حرمة احد القبور، اتصال غريب تحولت على أثره بلدة مصاصي ‏الدماء المنسية بين ليلة وضحاها إلى حديث الناس وقبلة الصحافة ووسائل الإعلام.‏
بلدة مصاصي دماء في القرن الواحد والعشرين!!
حين كتب برام ستوكر روايته المرعبة حول الكونت دراكولا قبل أكثر من قرن من الزمان ظن العديد من الناس أنها مجرد رواية خرافية مستوحاة عن حياة الأمير الدموي فلاد تيبس الذي اشتهر في العصور الوسطى بأنه شيد حول قلعته غابة من الخوازيق (1) التي يجلس فوق كل منها ضحية بشرية ليموت ببطء. لكن ما لا يعلمه معظم الناس أن قصص مصاصي الدماء في رومانيا حيث عاش وحكم دراكولا ليست مجرد خرافات تقصها العجائز لتخويف أحفادهن في ليالي الشتاء الباردة، لكنها اعتقاد راسخ لدى الكثير من الرومانيين الذين يؤمنون بأن مصاص الدماء مخلوق حقيقي وموجود فعلا.
قبر بيتري توما .. "مصاص الدماء!"
قبر بيتري توما .. "مصاص الدماء!"
في عام 2004 تلقت الشرطة الرومانية اتصالا غريبا من سيدة تشتكي بأن هنالك عدة أشخاص انتهكوا حرمة قبر والدها ومثلوا بجثته، على الفور بدئت الشرطة بأجراء تحقيقاتها في البلدة التي أتت منها الشكوى، وهي بلدة صغيرة تدعى مارتنو دي سيوز وتقع في منطقة نائية إلى الجنوب الغربي من رومانيا. وسرعان ما تم اعتقال ستة أشخاص اعترفوا صراحة وبدون مواربة بأنهم انتهكوا حرمة قبر السيد بيتري توما لأنه تحول بعد موته إلى مصاص دماء قام بمهاجمتهم أثناء الليل عندما كانوا نائمين وامتص دمائهم حتى أصابهم الإعياء والمرض وكادوا أن يفرقوا الحياة.
سرعان ما انتشر الخبر في الصحف وتقاطر الصحفيون على البلدة المغمورة. لم تكن القصة جديدة على الرومانيين الذين عرفوا لقرون طويلة ممارسة طقوس معينة من اجل التخلص من شر مصاصي الدماء، لكن الجديد في القضية هو أن معظم الناس، خصوصا في المدن والمناطق المتحضرة، كانوا يظنون أن طقوسا كهذه قد اندثرت منذ زمن بعيد ولم يعد أحد يمارسها، كما أنها المرة الأولى التي شهدت تدخل الشرطة في قضية كهذه. وقد كشفت التحقيقات أن بعض أفراد عائلة السيد توما كانوا من ضمن الأشخاص الذين شاركوا في الطقوس وان ابنته التي أبلغت الشرطة عن الحادثة والتي تعيش مع زوجها خارج البلدة هي الوحيدة التي لم تكن تعلم شيئا عن القضية وإنها اكتشفت الأمر لاحقا. السيد بتري توما كان عجوزا في السادسة والسبعين توفى قبل أيام قليلة من أعياد ميلاد عام 2003، كان معلما ورب عائلة كبيرة يحترمه الجميع في البلدة، ولم تظهر عليه أثناء حياته أي من العلامات التي يعتقد الناس في رومانيا بأنها تدل على أن الشخص سيصبح مصاص دماء بعد موته، مثل أن تسقط أسنانه العليا قبل السفلى في طفولته أو أن تثب قطة من فوقه أو أن يحلق خفاش فوق قبره فور دفنه .. الخ من الأمور التي يتشاءم منها الناس. لكن لم تمض سوى فترة قصيرة على دفن السيد توما حتى أصيبت عائلة ابنة أخته مايرلا بمرض غامض لم يعرف الأطباء سببه ولا اهتدوا لعلاجه، لكن الكوابيس التي أخذت تنتاب أفراد العائلة ليلا كشفت لهم سبب اعتلالهم، وأكد ذلك احد الجيران الذي اخبرهم بأنه شاهد شبح بتري توما وهو يغادر منزلهم قبل بزوغ الفجر بقليل واقسم هذا الجار على أنه شاهد سربا من الغربان حلق فوق رأسه كنذير شؤم.
"لقد امتص الحياة من أجسادنا لكي يعيش هو" قالت مايرلا لأحد الصحفيين ثم أردفت تشرح له ما حدث : "كنا نحتضر جميعا، أنا وأبني وزوجته، في الليل شاهدنا جميعا نفس الكابوس، لقد رأينا شبح الخال توما وهو يأتي إلينا ليمتص دمائنا".
كان علاج عائلة مايرلا يتطلب طقوسا معينة وتحركا سريعا، لذلك انطلق بعد عدة أيام في جوف الليل ستة رجال يقودهم جورج زوج مايرلا، خرجوا من البلدة باتجاه المقبرة، كانوا مسلحين بمطارق حديدية وأزاميل وأوتاد خشبية، شقوا طريقهم وسط القبور بحذر حتى توقفوا عند ضريح السيد توما ثم شرعوا بالحفر بسرعة، اخرجوا التابوت ثم انتظروا بقلق دقات الساعة الثانية عشر إيذانا بانتصاف الليل لكي يبدءوا ما خططوا له بدقة لعدة أسابيع، الطقوس القديمة التي توارثوها جيلا بعد أخر. وأخيرا حين حانت اللحظة المناسبة قام الرجال برفع غطاء الكفن والقوا نظرة سريعة على الجثة التي مضى على دفنها عدة أشهر، وليتك كنت هناك عزيزي القارئ لترى ملامح الدهشة والرعب التي ارتسمت على وجوه هؤلاء الرجال الذي وقفوا وسط قبور الموتى فاغرين أفواههم وقد اعتراهم خوف شديد وهم يتطلعون إلى جثة كان من المفروض بأنها في طور التحلل والتفسخ لكنها بدت سليمة كأنها دفنت بالأمس.
"حين رفعنا غطاء الكفن شاهدنا يدي الخال توما مبسوطتان إلى جانبيه في حين كنا متأكدين تماما بأنهما كانتا معقودتان على صدره حين دفناه أول مرة!" قال جورج رافعا حاجبيه وملوحا بيده بتعجب ثم تابع حديثه عما شاهده في تلك الليلة المخيفة قائلا : "رأسه كان قد تنحى جانبا! وكانت هناك بقع يابسة من الدم على ذقنه وشفتيه".
كانت هذه العلامات دليلا مؤكدا على أن بيتري توما قد تحول إلى ما يسميه الرومانيين ستريجوي، وهي المرحلة الأولى لتحول مصاصي الدماء، وخلال هذه المرحلة يتحرك الميت –وأحيانا الحي عن طريق السحر- مثل الشبح ولكنه لا يستطيع الخروج والتجول سوى في الليل فقط وعادة ما يبدأ بمهاجمة ومص دماء أقاربه ويستمر على هذا النهج حتى يتحول إلى المرحلة الثانية التي يصبح خلالها مصاص دماء كامل القوى يستطيع التحرك خلال النهار ويستطيع حتى أن يعيش بين الناس كشخص عادي ويتزوج وتكون له ذرية من دون أن يشعر به احد. وقد تعلم القرويين الرومانيين عن أجدادهم بأنهم يجب أن ينتزعوا قلب الستريجوي بأسرع وقت قبل أن يتحول إلى مصاص دماء خارق القوى لا يمكن القضاء عليه وحينها سيكون بإمكانه إبادة قرى بأكملها. لذلك فقد سارع جورج ورفاقه إلى شق صدر جثة السيد توما بواسطة مذراة ثم انتزعوا القلب من مكانه.
القضاء على مصاص الدماء
القضاء على مصاص الدماء
"لم يكن الدم في قلبه متخثرا ولا فاسدا بل كان طازجا يتدفق منه بغزارة كأنه قلب إنسان حي" قال جورج ثم تابع كلامه حول ما حدث بعد ذلك : "حين انتزعنا القلب لاحظنا بأن جسده بدء يسترخي ونأت عنه تنهيدة!". وبعد أن انتزعوا القلب ووضعوه على رأس المذراة قاموا بغرس وتد خشبي في الجثة ونثروا قليلا من الثوم حولها ثم أعادوها إلى القبر وسارعوا بمغادرة المكان.
كانت مايرلا تنتظر عودة زوجها جورج عند طريق قديمة بالقرب من المقبرة وقد قامت بمساعدة ابنها وزوجته بإيقاد النار اللازمة لإكمال الطقوس، وما أن وصل الرجال حتى وضعوا القلب داخل النار وجلسوا جميعا ينتظرون احتراقه وتحوله إلى رماد. جورج وصف ما حدث بعد ذلك قائلا : "بعد أن تفحم القلب مزجنا رماده مع الماء وشربنا منه، وعلى الفور استعدنا عافيتنا جميعا، لقد بدا الأمر كما لو أن شخصا ما رفع عنا مرة واحدة جميع الألم والمرض الذي كنا نشعر به". لم يكن جورج يشعر بالذنب لما قام به بل بالعكس كان اعتقاده راسخا بأنه فعل الصواب : "لو لم نفعل شيئا لكانت زوجتي وابني وزوجته الآن في عداد الأموات، لقد رأيت حوادث مشابهة في السابق" قال جورج ثم تابع كلامه مدافعا عما اقترفه : "لقد قمنا بطقوس عمرها مئات السنين، لا نعتقد بأننا اقترفنا جرما. على العكس، نعتقد بأننا أقدمنا على عمل جيد لأن روح بتري توما كانت تطاردنا جميعا وكانت على وشك أن تقتل بعضنا، لقد عاد من بين الموتى وكان يلاحقنا!".
تحقيقات الشرطة حول القضية كشفت بأن طقوس مصاصي الدماء أجريت لأكثر من عشرين مرة في البلدة خلال السنوات القليلة المنصرمة. ربما كان الأمر عجيبا ومثيرا للاشمئزاز عند معظم الناس أما هنا في هذه البلدة النائية من الريف الروماني فالسكان يعتقدون بأن الأمر عادي جدا ولا يستحق كل هذه الضجة التي أثيرت حوله، وقال معظمهم أن الرجال الستة فعلوا ما كان يتوجب عليهم القيام به لدرء الخطر عن أنفسهم وعن عائلاتهم. أما السلطات في المقاطعة فقد كان لها رأي أخر إذ إن القضاء حكم على كل من الرجال الستة بالسجن ستة أشهر لكن مع إيقاف التنفيذ.
باولو ديكانو، احد سكان البلدة علق على القضية قائلا :"حسنا فعلوا بأن انتزعوا قلبه لأن الناس كانوا في خطر، القرويون الرومان يعرفون كيف يقيمون الطقوس التي تطرد أرواح الموتى الشريرة".
شخص أخر من البلدة يدعى دميتريو تحدث عن تجربته الشخصية مع مصاصي الدماء قائلا : "احد أعمامي مات عام 1992 وبعد عدة أيام على دفنه أصبحت مريضا بشدة. الأطباء لم يستطيعوا تشخيص مرضي ولم يعرفوا ما خطبي. بعد عدة أيام، دخلت عمتي إلى غرفتي تحمل كأسا من ماء وطلبت مني أن اشربه، فقمت بشربه حتى أخر قطرة، وعلى الفور استعدت عافيتي وتخلصت من المرض. وقد علمت لاحقا بأن الماء الذي شربته كان يحتوي على رماد قلب عمي الميت!". شخص أخر يدعى دومينكا علق على كلام صديقه قائلا : "لقد كان هناك عشرات الموتى الذين تحولوا إلى مصاصي دماء وكانوا يطاردونا، وفي العادة تقوم عائلة الميت الذي تحول إلى مصاص دماء بعقد اتفاق مع ضحاياه توافق بموجبه على انتزاع قلب قريبها وعلى عدم التحدث عن ذلك. ولم يسبق ان سجلت أي شكوى ضد الطقوس قبل قضية بيتري توما ". وكلام دومينكا هذا يتفق مع ما ذكره احد رجال الشرطة الذي طلب عدم ذكر اسمه وقال بأنهم، أي الشرطة، يعلمون عن إجراء هذه الطقوس منذ عقود طويلة ولكنهم لم يستطيعوا عمل أي شيء حيالها لأن أي شخص لم يشتكي منها سابقا.
مستمره
بقي أن تعرفوا أمرين في غاية الأهمية حتى تكتمل لديكم الصورة فيكون حكمكم على الرجل صائبا..
1- تنبأ (نوستراداموس) بأن عدد باباوات (الفاتيكان) سيكون 112 بابا..
وأن البابا الأخير سيغادر (روما) على جثث القساوسة..وأن هذا سيكون في نهاية الزمان..
وبحسبة بسيطة نجد أن البابا الحالي للفاتيكان (بندكت السادس عشر) يحمل رقم 111..
وكالعادة نجد المؤيدون متحمسين وينتظرون بشغف وترقب تحقق تلك النبوءة..
في حين يرى المعارضون أنها تتعارض مع سابق تحديده لنهاية الزمان بحلول عام 3797
فهل يكون (بندكت السادس عشر) هو البابا قبل الأخير للفاتيكان بالفعل وتصدق نبوءة (نوستراداموس)..
أم أنها ستتهاوى كما تهاوى الكثير من رباعياته؟؟
فلننتظر ونرى فإن غدا لناظره قريب...
2- بالنسبة لنبوءة نبش القبر التي بدأت بها الجزء الأول من هذا المقال..
أعترف أنها لا تمت لنوستراداموس بصلة...
والحقيقة أنها مجرد مشهد من فيلم سينمائي عن قصة حياته أنتج في عام 1981 بعنوان (The Man Who Saw Tomorrow ) قام ببطولته الفنان العالمي (Orson Wales )..
أي أن هذه النبوءة محض خيال ليس إلا.
.......................................................................
وختاما..
وبعد أن عرضت بكل أمانة آراء المؤيدين للرجل والمعارضين له..
فأرجو من كل من سيتكرم منكم بالتعليق أن يدلي برأيه في الرجل..
ولنجب جميعا عن هذا السؤال :
هل اطلع الرجل الغيب ورأى الغد بالفعل؟
أم أنه كان مجرد أفاق نجح في خداع الجميع؟؟
وسأبدأ برأيي الشخصي الذي أرجو ألا يؤثر على آرائكم..
رأيي الشخصي أوجزه فيما يلي :
1- بسبب غياب المنهج الإسلامي في التعامل مع النبوءة أو عدم وضوحه وقع البعض في أسر الرؤية الغربية للنبوءات وتبني ربطها بكثير من النبوءات الإسلامية الهامة.. وعلى رأسها الحديث الصحيح الذي رواه مسلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود.. فيختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر.. فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله.. إلا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود)..
حيث أعلن البعض ترحيبهم بتزايد معدلات الهجرة اليهودية إلى أرض (فلسطين) باعتبارها أرض الميعاد..
بل وطالب بتشجيعها باعتبارها تجميعا للشتات اليهودي مما يعجل بالمعركة الفاصلة التي يبشر بها الحديث السابق وكذلك الآيات الكريمة في سورة الإسراء :
(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرا) (الإسراء: 4-7).
وصاغ البعض خطابًا إسلاميًا معتمدًا على هذا مفاده:
أن القضية الفلسطينية لن تحل إلا بالمواجهة الحاسمة والشاملة النهائية مع اليهود كما تبشر الآيات والحديث الشريف..
وهو ما يعني ببساطة تأجيل أو ترحيل هذه المشكلة بل والهرب من مواجهتها.. وتأجيل الحل إلى يوم القيامة..وفي هذا ما فيه من التواكل البغيض..ولو كان (صلاح الدين الأيوبي) قد فكر بهذا المنطق لما كان قد حارب من الأساس..
بل لقد صمتوا ظاهريا في حين كانت قلوبهم ترقص طربا وبشرا حين شرعت (إسرائيل) في بناء الجدار العازل ..وقالوا إن هذا يعجل أكثر بالمواجهة مصداقا لقوله تعالى :
(لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلاّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أو مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (الحشر:14).
في حين أن المنهج الإسلامي في التعامل مع النبوءة يقتضي الإيمان بها دون انتظار تحققها أو العمل على الإسراع بحدوثها كما يفعل البعض..
وإنما التعامل معها كغيب أو نتيجة لا يجب أن ننشغل به عن الفعل الحقيقي المطالبين به والذي نمتلك القدرة عليه فعليًا.. وهو في مثل هذه الحالة (القضية الفلسطينية)
حيث يتمثل في بعض جوانبه في مواجهة الهجرة اليهودية لفلسطين والعمل بكل الوسائل واتخاذ كافة التدابير اللازمة لوقفها لأنها هجرة استيطانية تغتصب الحق الفلسطيني وليس تشجيعها أو الترحيب بها على أساس أنها تسارع في تحقيق ما تبشر به النبوءة.
........................................................................
2- كل هذه التحليلات إنما كتبت بأيدي أناس لا حظ لهم من الإيمان..
لأن كل مؤمن (سواء مسلم أو كتابي) يعرف يقينا بأنه لا يعلم الغيب إلا الله.. ومن أطلعه الله على ما يشاء من الغيب بإذنه.
أما أن يخرج علينا شخص ويدعي معرفة المستقبل بالنظر في كوب ماء أو بالتنجيم فهذا من الكفر البواح بالله عز وجل لأن فيه ادعاء أن أحدا غير الله يعلم الغيب أيضا ولم يكن نبيا مرسلا أو وليا صالحا..
وقد قال الله تعالى : (قل لا يعلم الغيب إلا الله)
- فالرجل  قد حيكت حوله الأساطير والمبالغات والأكاذيب لتضخيم صورته شأنه شأن أي فتنة يفتتن الناس بها.
وأقرب تفسير لـرباعياته الملغزة هو أنه قد اطلع على الكتب السماوية (التوراة والإنجيل والقرآن ) والمخطوطات الإسلامية التي فيها أحاديث عن بعض غيب المستقبل الذي أطلعه الله على رسله.
- بل وحتى الشياطين لا تعلم الغيب.. فحتى قبل أن تحبس عن خبر السماء بمولد النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تعلم الغيب..بدليل أنهم لم يعلموا بموت نبي الله (سليمان) الذي سخرهم لخدمته..
قال تعالى في سورة سبأ:
﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) ﴾
ولكنهم كانوا يعلمون بعض ما لا يعلمه البشر عندما كانوا يسترقون السمع من السماء وفيها أوامر الله سبحانه للملائكة. وكل ذلك طبعا بعلم الله عز وجل وبإرادته ليمتحن البشر من يصدق رسله ومن يكذبهم.
قال تعالى :
(وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ*وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ *إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) سورة الحجر(16-18)
و الرجل في نظري هو أحد هذه الامتحانات من الله للبشر..تماما كالمسيح الدجال الذي يظهر في آخر الزمان ليفتن الناس..
لذلك يجب علينا أن نربأ بأنفسنا من مثل هذه التحليلات التي تصادم الثوابت الإيمانية وألا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل :
(كذب المنجمون ولو صدفوا)
...................................................................
النهايه
والآن هيا بنا نستعرض رباعياته مرة أخرى..ولكن من وجهة نظر المعارضين هذه المرة...
بالطبع لن أعيد كتابة الرباعيات منعا للملل ولكن بإمكانكم العودة لمطالعتها في الجزء الأول من المقال إن شئتم..سأعيد فقط كتابة بعض الرباعيات إن احتجت إليها للتوضيح ولكن هذه المرة بلغتها الأصلية كما خطها (نوستراداموس) بنفسه..
................................................................
 يقول المعارضون:
يحدق في الماء ليستشف المستقبل
1- باستعراض طريقته في التنبؤ والتي أوردها في أول رباعيتين له نجد أنها أساليب استعملت منذ القرن الرابع الميلادي كما بين قواعدها كتاب (الأسرار المصرية) المذكور آنفا و الذي نشر في (ليون) (فرنسا) سنة 1546 و الذي من المؤكد أن (نوستراداموس) كان قد اقتناه و استعمل أساليبه إلى جانب غيره من الكتب التي نص في رسالته لابنه بأن الأجيال كانت تتوارثها خفية وسرا ولقرون من الزمن.. و هي التي أحرقها و أحالها إلى رماد.
و في الرباعيتين المذكورتين نجد بعض عناصر ممارسة السحر..
الوقت ليل و (نوستراداموس) جالس لوحده في غرفته وأمامه إناء من نحاس فيه ماء و هو موضوع على حامل صغير ثلاثي الأرجل .. يحدق في الماء حتى يرى الماء و قد تعكر و تضبب و تبدأ صور المستقبل بالظهور.
أعتقد بأنه قد صارت لدينا صورة واضحة عن طبيعة عمل (نوستراداموس) فهو عرافة أو كهانه و تنجيم مع ممارسة السحر و غيره مما يعرف بالعلوم الخفية أو السرية.. (Occult )
- فمنها ما كان مباحاً مقبولاً لدى الكنيسة الكاثوليكية التي كانت مسيطرة على الساسة وعلى المجتمع في آن واحد في ذلك الزمان. فالتنجيم كان أمراً عادياً و لم يكن بلاط أي ملك من الملوك يخلو من منجم يستشيره في أمور حربه أو سلمه.. إدارته أو حياته الخاصة..
- ومنها ما كان محرماً أشد التحريم و يعاقب عليه من يمارسه بالإعدام حرقاً.. وهو ممارسة السحر.. و هذا ما كان الرجل يخشاه أشد الخشية ..و لهذا فإنه كتب كتابه بذلك الخليط اللغوي الغريب و نثر تنبؤاته نثرا عشوائياً و بدون تسلسل زمني محدد..
و قد صرح بذلك لابنه (قيصر) حيث قال له في موضع من رسالته إليه بأنه قد استعمل الإبهام و التعمية دون الوضوح و الصراحة لكي يفوت الفرصة على الحكام والكنيسة فلا يتناولونه بسوء ..
لقد كان يخاف من أن يتهم بالسحر فيعاقب على ذلك بالإعدام حرقاً جنبا إلى جنب مع كتبه..
والباحث المدقق في رباعيات الرجل يجد أن أسلوبه كان كالأتي:
1-لا يقدم تفاصيل دقيقة تظهر خطأه عند عدم حدوثها بل استخدام أسلوب الغموض
2- يكتب بطريقة توحي للقارئ أنه ملم بأسرار المستقبل حتى لو كان الموضوع تافها دون الإشارة الي أمور محددة وكانت النتيجة أنه أحاط نفسه بهالة من الغموض مما جعل نبوءاته مليئة بالإثارة
3- التنبؤ بأمور محتمل حدوثها مثل حروب أو أوبئة أو تكهنات جوية أو أحداث سياسية أو موت المشاهير.. مستخدماُ الغموض في كل ذلك
4- إصدار نبوءات كثيرة سيزيد من احتمالات تحقيق بعضها طبقا لقانون (المتوسط الحسابي)..
فمثلا عندما ترمي سهما وسط جمع غفير من الناس فلابد أن يصيب أحدهم أما لو كانوا قلة فاحتمال إصابة أحدهم ستتضاءل..
وفي تكهنات عام 1554 نشر (نوستراداموس) 149 نبوءة جديدة وزادت بعد ذلك الي قرابة 300 نبوءة في السنة
ومن أجل الصيت والسمعة أضاف بعض النبوءات المتعلقة بأمور حدثت بالفعل مفترضا أنه مع الوقت سينسى السذج أنها لم تكن نبوءات بل سرد حقائق تاريخية قد حدثت فعلا..والزمن كفيل بطي كل ذلك في غياهب النسيان..حيث لن تعرف الأجيال الجديدة أن تلك النبوءات لم تكن إلا سردا لحقائق تاريخية..
(تذكروا أننا نتكلم عن عصر كانت وسيلة التنقل فيه هي الجياد وكان ينبغي عليك أن تسافر مسيرة شهرين لتقطع (فرنسا) من شمالها لجنوبها)
5-إعادة التنبؤ بذات النبوءات السابقة التي لم تتم وربما يساعدك الحظ والصدفة علي تحقيق بعضها..
وهكذا أشتهر هذا الرجل ..
6- سرقة العديد من التنبؤات التي تخص المتنبئين القدامى أمثال (كاسريوم) و (كونيستثاس) بخصوص المجاعات والأوبئة والكنيسة والحرائق والحروب والانتصارات والهزائم والزلال و البراكين والأحداث السياسية...إلخ..مع إعادة صياغتها مرة أخرى
........................................................
2- نبوءته الخاصة بموت الملك (هنري الثاني):
Le Lyon jeune le vieux surmontera ,
En champ bellique par singulier duelle
Dans caige d’or les yeux luy creuera ,
Deux classes vne, puis mourir, mort cruelle
هل تنبأ حقا بموت هنري الثاني ؟
كتب (نوستراداموس) رسالة مطولة بعنوان )الجزء الثاني من القرن( في مارس 14 عام 1557
وكتب يقول في مقدمتها:
(منذ دخلت بوجهي العابس أمام جلالة الإله الغير محدود أقول لك أيها الملك المسيحي المنتصر العظيم إني دخلت في دهشة وحيرة هزتني وبعد أن داومت في العبادة وتقديم الكرامة لله في ذلك الوقت أحسست بشيء يمسكني وبرغبة حارة في أن أنتقل من مرحلة الغموض الي حالة النور والوعي في حضرة ملك الكون(
وكما نرى لا توجد أدلة في تلك الرسالة التي كتبت قبل سنتين من موت (هنري الثاني) تشير الي أن (نوستراداموس) علم وأنبأ بموت هذا الملك فقوله : (أيها الملك المسيحي المنتصر العظيم) لا يشير الي شيء بقريب أو بعيد عن مقتل (هنري الثاني)..
ومن المنطقي إن كانت هناك نبوءة تتحدث عن موت (هنري الثاني) لصلى (نوستراداموس) ودعا الله له لحفظه وحمايته من هذا الحادث الفظيع..
والأدهى من ذلك أن نعرف أن (مونتجمري) كان أصغر من (هنري) إلا أن (نوستراداموس) أشار إليه بالأسد الكبير المسن وهذا ليس صحيحا وقد تم تحريف الرباعية عند تفسيرها لتنطبق على ما حدث فعلياً.
أما الأكثر إثارة للدهشة هي إشارة (جيمس راندي) في كتابه (قناع نوستراداموس) إلى أن الفرنسيون لم يستخدموا قط رمز (الأسد) كرمز للملكية فقد كان رمزهم الملكي وما زال هو (الديك)..
وبالرجوع الي النبوءة بنظرة متمعنة نجد كلمات مثل (ميدان قتال) و(معركة واحدة) ومن الغريب أن يشار لمصارعة الفرسان على أنها ميدان قتال بدلا من الإشارة إليها كنوع من المصارعة الترفيهية وكما هو معروف أنها تتم في ساحة وليس في ميدان قتال..
و قال (نوستراداموس) أيضا في نبوءته (ستقلع عيناه في داخل قفص ذهبي) وهذا لم يحدث نهائياً ..
حيث إن سبب الوفاة كان إصابة شديدة في الجمجمة فوق منطقة العين اليمني..ولم تتضرر العين نفسها..
وأيضا لم يكن للذهب وجودا..حيث إن الخوذة والسيف والدرع مصنوعين من الحديد لا الذهب عدا مقبض السيف ربما مع طلائهم بماء الذهب..
وقوله بأن (أثنين سيهربان من واحد ثم الموت) لا علاقة له بالمرة بما حدث ..فالموت كان مأساة وليس قتالا وانتصارا لأن ما حدث كان خطاْ فلم بكن هدف المصارعة بالسيوف هو قتل الواحد للآخر وما حدث لم يكن نتاج جيوش تحارب بعضها البعض لكنها كانت مأساة وقعت بخطأ غير مقصود..ثم من هما الاثنان اللذان فرا من الموت؟؟
................................................................
3- نبوءته الخاصة بهزيمة (هتلر) :
Bestes farouches de faim fleuues tranner ,
Plus part du champ encontre Hister sera .
En caige de fer le grand sera treisner ,
Quand rien enfant de Germain obseruera .
هل تنبأ بنهاية هتلر
هي نبوءة غامضة أخرى من نبوءات (نوستراداموس) و يمكن أن تفسر كالعادة بعدة صور..
يقول (هنري روبرتس) في كتاب (نبوءات نوستراداموس الكاملة) بأنه يؤمن بأن النبوءة السالفة إنما هي إشارة لمصير (أدولف هتلر) في (برلين)..
إلا أن مبنى المستشارية الذي قضى في قبوه (هتلر) آخر أيام حياته لا يمكن أن يطلق عليه اسم (القفص الحديدي)..
أما المفاجأة الكبرى فهي :
في المصطلحات الجغرافية الرومانية القديمة يسمي منخفض(نهر الدانوب) باسم (هيستر) وتوضح ذلك أيضا الخرائط الجغرافية القديمة..
وقد تم تفسير السطر الأخير من النبوءة علي أنه إشارة الي ما يصفه طفل ألماني عند رؤيته الغزال..
وفي اللغة الفرنسية (وهي اللغة التي كتبت بها النبوءة) فإن كلمة غزال لا تمت للمعني بشيء فأصل الكلمة الفرنسية هي ..(Rien ) :
فهذه النبوءة هي مجرد تكهنات عشوائية حاول المفسرون تفصيلها على الأحداث العالمية لتصبح ذات مغزى تاريخي.
لقد حاول (هتلر) و(جوبلز) استغلال هذه النبوءة ..ولكن فاتهما أن القائد العظيم الذي تتحدث عنه الرباعية سيساق في قفص حديدي ليتم القصاص منه وسط الجماهير..وهذا ما لم يحدث..
وكدليل ساطع يكشف بوضوح كذب تلك النبوءة نسوق نبوءة أخرى للعراف الأشهر(إدجار كايسي) تنبأ بها في نوفمبر علم 1944وقال فيها:
(وبينما كان رجل متعلم في الربع الأخير (من الشهر القمري) يسير علي شواطئ نهر(الهيستر) والمسمي أيضا (الدانوب) اكتشف أن الأرض كانت تتحلل وان النهر سوف يختفي يوما ما (.
أظن أن الأمر واضح الآن...
..............................................................
4- نبوءاته الخاصة بالكاردينال (مازاران) و(نابليون) و (موسوليني) والثورة الإيرانية:
كالعادة نبوءات غامضة يمكن أن تفسر بألف تفسير مختلف..
وحدوثها تم كنتيجة لتفسيرها وفق الأهواء..مثل ما حدث مع الكاردينال الذي حطم خصومه أعصابه بتلك النبوءات مما أدى في النهاية لخسارته نتيجة تحطم معنوياته..
قديما قال (أرسطو) :
(إنك ستخسر فقط عندما تؤمن أنك ستخسر)
ويبقى السؤال..إذا ابتلعنا فكرة عدم ذكره لتواريخ محددة مخالفا ما فعله مع نبوءاته الخاصة بفرنسا لكونه فرنسيا..
فلماذا لم يذكر أسماء (مازاران) و(نابليون) و(موسوليني) و(الخميني) والشاه (محمد رضا بهلوي)..
ولو حتى بأسلوب التصحيف كما فعل مع (هتلر)..أم أن تلك النبوءات لم يكونوا هم المقصودين بها؟؟
ولماذا لم يذكر التاريخ في نبوءة الكاردينال (مازاران) رغم كونه فرنسيا؟؟..
ومن جديد نستعير كلمات الأخت الفاضلة قارئة حين قالت (إن المفسرين ركبوا اللحن على الكلمات)
.............................................................
5- نبوءته الخاصة بانهيار برجي مركز التجارة العالمي في (نيويورك)
 Cinq et quarante degrees
ciel bruslera
Feu approcher de la grand cite nauveux
Instand grand flame esparse sautera
هل تنبأ بهجمات الحادي عشر من سبتمبر ؟
هذه النبوءة بالذات تكشف جهل الرجل وزيفه وكذب مؤيديه..
إنه يقول هنا بوضوح أن السماء ستحترق في 45 درجة..فأي لهب حارق هذا الذي تكون درجة حرارته 45 درجة؟؟..حتى لهب (بنزن) الذي يستخدمه الكيميائيون درجة حرارته تفوق أضعاف ال45 درجة..
حتى عندما حاول المفسرون والمؤيدون (تركيب اللحن على الكلمات) تبين كذبهم وإدعائهم..
قالوا إنه يقصد بدرجة 45 موقع مدينة (نيويورك) على دوائر العرض..وأنه أشار إليها بقوله(المدينة الجديدة العظيمة) لأنها لم تكن موجودة على عهده..
ولكن الحقيقة هي أن مدينة (نيويورك) تقع بين دائرتي العرض 40 و 41 أو بالتحديد عند 40.6
بل والأدهى أنه توجد مدينة اسمها (فيلانوفا) في جنوب غرب (فرنسا) وعلي بعد 45 درجة شمالا وهي التي يمكن أن تكون المشار إليها لأن معناها الحرفي بالفرنسية هو (المدينة الجديدة)
وعندما اكتشف الناس ذلك قال المؤيدون ببساطة إن (نوستراداموس) كان يقصد درجة 40.5 وليس 45
برغم أنه قال بوضوح (Cinq et quarante degrees ) ولم يقل (Quarante et demi )
................................................................
 والآن تعالوا نستعرض بعض رباعياته التي فسرها المؤيدون على أنها تتحدث عن الحرب العالمية الثالثة ونهاية العالم وفناء البشرية..
تلك الرباعيات لم تتحقق حتى الآن وإن كان المؤيدون يؤمنون بأنها ستحدث..تماما كما حدثت باقي رباعيات الرجل من وجهة نظرهم..
ولنرى أيضا كيف رد عليهم المعارضون..
..مستمره
والآن هيا بنا نستعرض رباعياته مرة أخرى..ولكن من وجهة نظر المعارضين هذه المرة...
بالطبع لن أعيد كتابة الرباعيات منعا للملل ولكن بإمكانكم العودة لمطالعتها في الجزء الأول من المقال إن شئتم..سأعيد فقط كتابة بعض الرباعيات إن احتجت إليها للتوضيح ولكن هذه المرة بلغتها الأصلية كما خطها (نوستراداموس) بنفسه..
................................................................
 يقول المعارضون:
يحدق في الماء ليستشف المستقبل
1- باستعراض طريقته في التنبؤ والتي أوردها في أول رباعيتين له نجد أنها أساليب استعملت منذ القرن الرابع الميلادي كما بين قواعدها كتاب (الأسرار المصرية) المذكور آنفا و الذي نشر في (ليون) (فرنسا) سنة 1546 و الذي من المؤكد أن (نوستراداموس) كان قد اقتناه و استعمل أساليبه إلى جانب غيره من الكتب التي نص في رسالته لابنه بأن الأجيال كانت تتوارثها خفية وسرا ولقرون من الزمن.. و هي التي أحرقها و أحالها إلى رماد.
و في الرباعيتين المذكورتين نجد بعض عناصر ممارسة السحر..
الوقت ليل و (نوستراداموس) جالس لوحده في غرفته وأمامه إناء من نحاس فيه ماء و هو موضوع على حامل صغير ثلاثي الأرجل .. يحدق في الماء حتى يرى الماء و قد تعكر و تضبب و تبدأ صور المستقبل بالظهور.
أعتقد بأنه قد صارت لدينا صورة واضحة عن طبيعة عمل (نوستراداموس) فهو عرافة أو كهانه و تنجيم مع ممارسة السحر و غيره مما يعرف بالعلوم الخفية أو السرية.. (Occult )
- فمنها ما كان مباحاً مقبولاً لدى الكنيسة الكاثوليكية التي كانت مسيطرة على الساسة وعلى المجتمع في آن واحد في ذلك الزمان. فالتنجيم كان أمراً عادياً و لم يكن بلاط أي ملك من الملوك يخلو من منجم يستشيره في أمور حربه أو سلمه.. إدارته أو حياته الخاصة..
- ومنها ما كان محرماً أشد التحريم و يعاقب عليه من يمارسه بالإعدام حرقاً.. وهو ممارسة السحر.. و هذا ما كان الرجل يخشاه أشد الخشية ..و لهذا فإنه كتب كتابه بذلك الخليط اللغوي الغريب و نثر تنبؤاته نثرا عشوائياً و بدون تسلسل زمني محدد..
و قد صرح بذلك لابنه (قيصر) حيث قال له في موضع من رسالته إليه بأنه قد استعمل الإبهام و التعمية دون الوضوح و الصراحة لكي يفوت الفرصة على الحكام والكنيسة فلا يتناولونه بسوء ..
لقد كان يخاف من أن يتهم بالسحر فيعاقب على ذلك بالإعدام حرقاً جنبا إلى جنب مع كتبه..
والباحث المدقق في رباعيات الرجل يجد أن أسلوبه كان كالأتي:
1-لا يقدم تفاصيل دقيقة تظهر خطأه عند عدم حدوثها بل استخدام أسلوب الغموض
2- يكتب بطريقة توحي للقارئ أنه ملم بأسرار المستقبل حتى لو كان الموضوع تافها دون الإشارة الي أمور محددة وكانت النتيجة أنه أحاط نفسه بهالة من الغموض مما جعل نبوءاته مليئة بالإثارة
3- التنبؤ بأمور محتمل حدوثها مثل حروب أو أوبئة أو تكهنات جوية أو أحداث سياسية أو موت المشاهير.. مستخدماُ الغموض في كل ذلك
4- إصدار نبوءات كثيرة سيزيد من احتمالات تحقيق بعضها طبقا لقانون (المتوسط الحسابي)..
فمثلا عندما ترمي سهما وسط جمع غفير من الناس فلابد أن يصيب أحدهم أما لو كانوا قلة فاحتمال إصابة أحدهم ستتضاءل..
وفي تكهنات عام 1554 نشر (نوستراداموس) 149 نبوءة جديدة وزادت بعد ذلك الي قرابة 300 نبوءة في السنة
ومن أجل الصيت والسمعة أضاف بعض النبوءات المتعلقة بأمور حدثت بالفعل مفترضا أنه مع الوقت سينسى السذج أنها لم تكن نبوءات بل سرد حقائق تاريخية قد حدثت فعلا..والزمن كفيل بطي كل ذلك في غياهب النسيان..حيث لن تعرف الأجيال الجديدة أن تلك النبوءات لم تكن إلا سردا لحقائق تاريخية..
(تذكروا أننا نتكلم عن عصر كانت وسيلة التنقل فيه هي الجياد وكان ينبغي عليك أن تسافر مسيرة شهرين لتقطع (فرنسا) من شمالها لجنوبها)
5-إعادة التنبؤ بذات النبوءات السابقة التي لم تتم وربما يساعدك الحظ والصدفة علي تحقيق بعضها..
وهكذا أشتهر هذا الرجل ..
6- سرقة العديد من التنبؤات التي تخص المتنبئين القدامى أمثال (كاسريوم) و (كونيستثاس) بخصوص المجاعات والأوبئة والكنيسة والحرائق والحروب والانتصارات والهزائم والزلال و البراكين والأحداث السياسية...إلخ..مع إعادة صياغتها مرة أخرى
........................................................
2- نبوءته الخاصة بموت الملك (هنري الثاني):
Le Lyon jeune le vieux surmontera ,
En champ bellique par singulier duelle
Dans caige d’or les yeux luy creuera ,
Deux classes vne, puis mourir, mort cruelle
هل تنبأ حقا بموت هنري الثاني ؟
كتب (نوستراداموس) رسالة مطولة بعنوان )الجزء الثاني من القرن( في مارس 14 عام 1557
وكتب يقول في مقدمتها:
(منذ دخلت بوجهي العابس أمام جلالة الإله الغير محدود أقول لك أيها الملك المسيحي المنتصر العظيم إني دخلت في دهشة وحيرة هزتني وبعد أن داومت في العبادة وتقديم الكرامة لله في ذلك الوقت أحسست بشيء يمسكني وبرغبة حارة في أن أنتقل من مرحلة الغموض الي حالة النور والوعي في حضرة ملك الكون(
وكما نرى لا توجد أدلة في تلك الرسالة التي كتبت قبل سنتين من موت (هنري الثاني) تشير الي أن (نوستراداموس) علم وأنبأ بموت هذا الملك فقوله : (أيها الملك المسيحي المنتصر العظيم) لا يشير الي شيء بقريب أو بعيد عن مقتل (هنري الثاني)..
ومن المنطقي إن كانت هناك نبوءة تتحدث عن موت (هنري الثاني) لصلى (نوستراداموس) ودعا الله له لحفظه وحمايته من هذا الحادث الفظيع..
والأدهى من ذلك أن نعرف أن (مونتجمري) كان أصغر من (هنري) إلا أن (نوستراداموس) أشار إليه بالأسد الكبير المسن وهذا ليس صحيحا وقد تم تحريف الرباعية عند تفسيرها لتنطبق على ما حدث فعلياً.
أما الأكثر إثارة للدهشة هي إشارة (جيمس راندي) في كتابه (قناع نوستراداموس) إلى أن الفرنسيون لم يستخدموا قط رمز (الأسد) كرمز للملكية فقد كان رمزهم الملكي وما زال هو (الديك)..
وبالرجوع الي النبوءة بنظرة متمعنة نجد كلمات مثل (ميدان قتال) و(معركة واحدة) ومن الغريب أن يشار لمصارعة الفرسان على أنها ميدان قتال بدلا من الإشارة إليها كنوع من المصارعة الترفيهية وكما هو معروف أنها تتم في ساحة وليس في ميدان قتال..
و قال (نوستراداموس) أيضا في نبوءته (ستقلع عيناه في داخل قفص ذهبي) وهذا لم يحدث نهائياً ..
حيث إن سبب الوفاة كان إصابة شديدة في الجمجمة فوق منطقة العين اليمني..ولم تتضرر العين نفسها..
وأيضا لم يكن للذهب وجودا..حيث إن الخوذة والسيف والدرع مصنوعين من الحديد لا الذهب عدا مقبض السيف ربما مع طلائهم بماء الذهب..
وقوله بأن (أثنين سيهربان من واحد ثم الموت) لا علاقة له بالمرة بما حدث ..فالموت كان مأساة وليس قتالا وانتصارا لأن ما حدث كان خطاْ فلم بكن هدف المصارعة بالسيوف هو قتل الواحد للآخر وما حدث لم يكن نتاج جيوش تحارب بعضها البعض لكنها كانت مأساة وقعت بخطأ غير مقصود..ثم من هما الاثنان اللذان فرا من الموت؟؟
................................................................
3- نبوءته الخاصة بهزيمة (هتلر) :
Bestes farouches de faim fleuues tranner ,
Plus part du champ encontre Hister sera .
En caige de fer le grand sera treisner ,
Quand rien enfant de Germain obseruera .
هل تنبأ بنهاية هتلر
هي نبوءة غامضة أخرى من نبوءات (نوستراداموس) و يمكن أن تفسر كالعادة بعدة صور..
يقول (هنري روبرتس) في كتاب (نبوءات نوستراداموس الكاملة) بأنه يؤمن بأن النبوءة السالفة إنما هي إشارة لمصير (أدولف هتلر) في (برلين)..
إلا أن مبنى المستشارية الذي قضى في قبوه (هتلر) آخر أيام حياته لا يمكن أن يطلق عليه اسم (القفص الحديدي)..
أما المفاجأة الكبرى فهي :
في المصطلحات الجغرافية الرومانية القديمة يسمي منخفض(نهر الدانوب) باسم (هيستر) وتوضح ذلك أيضا الخرائط الجغرافية القديمة..
وقد تم تفسير السطر الأخير من النبوءة علي أنه إشارة الي ما يصفه طفل ألماني عند رؤيته الغزال..
وفي اللغة الفرنسية (وهي اللغة التي كتبت بها النبوءة) فإن كلمة غزال لا تمت للمعني بشيء فأصل الكلمة الفرنسية هي ..(Rien ) :
فهذه النبوءة هي مجرد تكهنات عشوائية حاول المفسرون تفصيلها على الأحداث العالمية لتصبح ذات مغزى تاريخي.
لقد حاول (هتلر) و(جوبلز) استغلال هذه النبوءة ..ولكن فاتهما أن القائد العظيم الذي تتحدث عنه الرباعية سيساق في قفص حديدي ليتم القصاص منه وسط الجماهير..وهذا ما لم يحدث..
وكدليل ساطع يكشف بوضوح كذب تلك النبوءة نسوق نبوءة أخرى للعراف الأشهر(إدجار كايسي) تنبأ بها في نوفمبر علم 1944وقال فيها:
(وبينما كان رجل متعلم في الربع الأخير (من الشهر القمري) يسير علي شواطئ نهر(الهيستر) والمسمي أيضا (الدانوب) اكتشف أن الأرض كانت تتحلل وان النهر سوف يختفي يوما ما (.
أظن أن الأمر واضح الآن...
..............................................................
4- نبوءاته الخاصة بالكاردينال (مازاران) و(نابليون) و (موسوليني) والثورة الإيرانية:
كالعادة نبوءات غامضة يمكن أن تفسر بألف تفسير مختلف..
وحدوثها تم كنتيجة لتفسيرها وفق الأهواء..مثل ما حدث مع الكاردينال الذي حطم خصومه أعصابه بتلك النبوءات مما أدى في النهاية لخسارته نتيجة تحطم معنوياته..
قديما قال (أرسطو) :
(إنك ستخسر فقط عندما تؤمن أنك ستخسر)
ويبقى السؤال..إذا ابتلعنا فكرة عدم ذكره لتواريخ محددة مخالفا ما فعله مع نبوءاته الخاصة بفرنسا لكونه فرنسيا..
فلماذا لم يذكر أسماء (مازاران) و(نابليون) و(موسوليني) و(الخميني) والشاه (محمد رضا بهلوي)..
ولو حتى بأسلوب التصحيف كما فعل مع (هتلر)..أم أن تلك النبوءات لم يكونوا هم المقصودين بها؟؟
ولماذا لم يذكر التاريخ في نبوءة الكاردينال (مازاران) رغم كونه فرنسيا؟؟..
ومن جديد نستعير كلمات الأخت الفاضلة قارئة حين قالت (إن المفسرين ركبوا اللحن على الكلمات)
.............................................................
5- نبوءته الخاصة بانهيار برجي مركز التجارة العالمي في (نيويورك)
 Cinq et quarante degrees
ciel bruslera
Feu approcher de la grand cite nauveux
Instand grand flame esparse sautera
هل تنبأ بهجمات الحادي عشر من سبتمبر ؟
هذه النبوءة بالذات تكشف جهل الرجل وزيفه وكذب مؤيديه..
إنه يقول هنا بوضوح أن السماء ستحترق في 45 درجة..فأي لهب حارق هذا الذي تكون درجة حرارته 45 درجة؟؟..حتى لهب (بنزن) الذي يستخدمه الكيميائيون درجة حرارته تفوق أضعاف ال45 درجة..
حتى عندما حاول المفسرون والمؤيدون (تركيب اللحن على الكلمات) تبين كذبهم وإدعائهم..
قالوا إنه يقصد بدرجة 45 موقع مدينة (نيويورك) على دوائر العرض..وأنه أشار إليها بقوله(المدينة الجديدة العظيمة) لأنها لم تكن موجودة على عهده..
ولكن الحقيقة هي أن مدينة (نيويورك) تقع بين دائرتي العرض 40 و 41 أو بالتحديد عند 40.6
بل والأدهى أنه توجد مدينة اسمها (فيلانوفا) في جنوب غرب (فرنسا) وعلي بعد 45 درجة شمالا وهي التي يمكن أن تكون المشار إليها لأن معناها الحرفي بالفرنسية هو (المدينة الجديدة)
وعندما اكتشف الناس ذلك قال المؤيدون ببساطة إن (نوستراداموس) كان يقصد درجة 40.5 وليس 45
برغم أنه قال بوضوح (Cinq et quarante degrees ) ولم يقل (Quarante et demi )
................................................................
 والآن تعالوا نستعرض بعض رباعياته التي فسرها المؤيدون على أنها تتحدث عن الحرب العالمية الثالثة ونهاية العالم وفناء البشرية..
تلك الرباعيات لم تتحقق حتى الآن وإن كان المؤيدون يؤمنون بأنها ستحدث..تماما كما حدثت باقي رباعيات الرجل من وجهة نظرهم..
ولنرى أيضا كيف رد عليهم المعارضون..
............................................................
1- Le prince Arabe Mars, Sol, Venus, Lyon ,
Regne d’Eglife par mer fuccombera ;
Devers la Perfe bi en pres d’un million ,
Bifance, Egptee, ver. ferp. inuadera
الأمير العربي عطارد والشمس وفينوس والأسد
سيقذف بسلطان الكنيسة في البحر
سيقترب قرابة المليون رجل من فارس
وسيغزو بيزنطية ومصر الثعبان الحقيقي
يقول المؤيدون :
إن حاكم عربي سيقود جيشا من مليون مقاتل يغزو به (أوروبا) ويقضي على سلطة الكنيسة ثم يهاجم (إيران) ثم بيزنطة (تركيا حاليا) و(مصر)..وتكون تلك هي المعركة الكبرى والتي ستودي بالبشر إلى الفناء ونهاية العالم..
بينما يقول المعارضون :
إن افترضنا صحة ذلك التفسير لماذا يهاجم حاكم عربي دول إسلامية مثل (مصر) و(تركيا)؟؟
بل الأدهى من ذلك أنه :
في ثمانينيات القرن المنصرم خرج علينا المؤيدون بتلك الرباعية زاعمين أن المقصود بها هو حرب (العراق) و(إيران) التي كانت تدور رحاها وقتذاك.
وقالوا إن الحاكم العربي المقصود هو (صدام حسين) وأن غزوه ل(مصر) و(تركيا) سيكون طبقا لحركة النجوم والكواكب عام 1998..وقد مر ذلك العام ولم يحدث شيء ليخرج علينا المؤيدون بتبريرهم المحفوظ:
الرباعية سليمة وستحدث بالتأكيد في المستقبل ولكننا نحن من أخطأ التفسير!
........................................................................
2- De terres arabes guidera le grand maître de la grande loi de Muhammad
Ce roi sera entrer en Europe avec un turban bleu ,
Dont il enverra une grande nation de la mort pour vivre à nouveau ,
Sera la terreur de toutes les personnes, pas plus que d'horreur
من الأرض العربية العظيمة سوف يولد سيد عظيم من شريعة محمد
هذا الملك سوف يدخل أوروبا لابساً عمامة زرقاء
أنه الذي سوف يبعث الأمة العظيمة من الموت لتعيش مرة أخرى
سوف يكون هو الرعب لكل الناس. لم يكن أحد أكثر منه رعبا
يقول المؤيدون
النبوءة تتحدث عن المهدي المنتظر الذي سيجتاح (أوروبا) بجيوشه مرتديا عمامة زرقاء ..وسوف يبعث الأمة الإسلامية من رقادها الطويل لتعود قوية كما كانت وتسود العالم..
بينما يقول المعارضون :
هذه النبوءة بالتحديد تثبت أن الرجل اطلع على المخطوطات الإسلامية وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الخاصة بالمهدي المنتظر..
أي أن الرجل مجرد لص..
ذلك أن الكتاب المقدس يروي لنا أنه بعد ظهور المسيح الدجال سيبعث الله يسوع المسيح ليقتله هو وأتباعه ثم يسود السلام الأرض وتسيطر المسيحية على العالم إلى أن تقوم الساعة
أي أن الكتاب المقدس لم يذكر لنا أي شيء عن المهدي المنتظر..
.....................................................................
3- World Park près de la ville nouvelle
Dans le chemin de la montagne creuse
Seront prises en charge par .. Et s'immiscer dans le réservoir
Forcé à boire de l'eau empoisonnée avec du soufre
حديقة العالم قرب المدينة الجديدة
في طريق الجبال المجوفة
سوف يُستولى عليها .. وتقحم في الصهريج
تــجبر على شرب ماء مسمم بالكبريت
يقول المؤيدون :
المدينة الجديدة هي (نيويورك) ووصفها حديقة العالم لاعتبارها مركزا تجاريا دوليا
الجبال المجوفة هي وصف لناطحات السحاب في المدينة والتي لم تكن قد وجدت في عهده
الشطر الأخير يشير إلى الاستيلاء عليها وتسميم مياهها بمادة الكبريت .. وهو وصف لعملية إرهابية كبيرة جدا ....
بينما يقول المعارضون :
إنها كلام مرسل لا يمكن تفسيره على هذا النحو الذي يقوله المؤيدون..
فالمدينة الجديدة موجودة في (فرنسا) كما أسلفت..والجبال المجوفة يعني بها المغارات والطرق الوعرة التي تؤدي إلى تلك المدينة..فعلى عهده لم تكن الطرق قد عبدت بالإسفلت بعد..
أما تسمم الماء بالكبريت فقد كان شائع جدا في العصور الوسطى حيث كان من السهل تلوث الصهاريج التي تمد المدن الحديثة وقتها بالمياه..أو تلوث جداول المياه في المدن الريفية أيضا..
................................................................... 
se montrent les dieux pour l'humanite-3
Il est la cause de l'éclatement de la grande guerre
Avant que le ciel est vide, d'armes et de monstres avion
Gauche, le plus grand signe de dommages
ستبدي الآلهة للبشرية
إنها هي السبب في اندلاع حرب عظمى
قبل أن تبدو السماء خاليه من الأسلحة والوحوش الطائرة
سيوقع الضرر الأعظم باليسار
يقول المؤيدون :
هذه النبوءة تتحدث عن دمار (أمريكا) بفعل العقاب الإلهي ..
مفتاح هذه الرباعية في الشطر الرابع .. فكثيرا ما وصف الرجل في رباعياته) أمريكا) بالأرض الجديدة ... والشطر الثاني يشير إلى أنها هي السبب في اندلاع الحروب بعد أن بلغت أوج قوتها وعظمتها ... وسوف يأتيها الهجوم مباغتا عندما تظن أنها سيطرت على الأرض  ..
أما (الوحوش الطائرة) فهي كناية عن الطائرات الحربية
بينما يقول المعارضون :
من جديد كلام مرسل يحتمل ألف تأويل .
فكيف تم الجزم بأنه يتحدث عن (أمريكا) بالذات..لقد قال بالفعل اليسار ولكن أي يسار يقصد؟؟
لماذا لم يصرح باسم (أمريكا)..أو يقول مثلا (حلفاء أسبانيا) كما كان يكنيها؟؟
ومن جديد نقول إنه نوع من تركيب اللحن على الكلمات...
.................................................................
4- Les murs seront marbre convertis à partir de briques pour le 
sept et cinquante ans du Pacifique: Joy aux mortels, l'aqueduc renouvelé, la santé, l'abondance des fruits ,
des moments de joie et mélodieuse
 بعد الحرب العظمى
سلام مؤقت لسبعة وخمسين عاما
يتحول الطوب إلى رخام..وفرة من الفاكهة
ينعم البشر بلحظات سعادة مؤقتة
يقول المؤيدون :

الحرب العالمية الثالثة .. نبوءة خاطئة
إنها نبوءة عظيمة..حدد فيها الرجل بدقة موعد الحرب العالمية الثالثة التي ستفني البشرية
فبعد حرب عظمى(الحرب العالمية الثانية) ستنعم البشرية ب57 عاما من السلام المؤقت..
وبحسبة بسيطة نجد أن الحرب العالمية الثانية انتهت في عام 1945 أي أن الحرب العالمية الثالثة ستكون عام 2002
يرد المعارضون هنا قائلين:كالعادة مرت تلك السنة ولم تحدث الحرب المزعومة
فيستطرد المؤيدون قائلين :بل ستحدث في خلال عقد من الزمان بعدها..أي بحلول عام 2012..
وقد كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 مقدمة لها..
فيرد المعارضون : أي هراء هذا؟..لو كان ذلك كذلك فما الذي يمنع ذلك الرجل (الدقيق) من أن يقول ذلك؟
ما الذي يمنعه من أن يخبرنا أن الحرب ستحدث خلال عقد من الزمان بعد ال57 عاما التي حددها بدقة..
ثم لماذا حددتم المقصود بالحرب العظمى بأنها الحرب العالمية الثانية؟؟..لماذا ليست الأولى مثلا؟؟
أو أنها حرب لم تحدث بعد..فالرجل لم يشر ولو من بعيد للحرب العالمية الثانية بالتحديد..
فلم يذكر ذلك صراحة أو تلميحا بذكر (هتلر) مثلا كما ذكره في رباعيات أخرى..
ثم لا يخفى على أحد ربطكم أيها المؤيدون رباعية هذا الأفاق بتقويم شعب (المايا) الذي ينتهي عند 21 ديسمبر 2012 زاعمين أن ذلك التاريخ سيكون بداية النهاية للبشر..
بداية بزلازل عظيمة تبدأ من (لوس أنجلوس) ثم احتكاك كوكب الأرض بكوكب (نيبيرو) المزعوم مما سيؤدي إلى فناء البشر..
حتى إذا لم يحدث ذلك قلتم إن الرباعية صادقة وستتحقق ولكن التفسير هو الخطأ كما تقولون دوما ثم تلقون باللائمة على شعب المايا..
لذا فإن هذا كله هراء..
والجدير بالذكر أنه في شهر مايو من عام 2006 ادعت المكتبة الوطنية الإيطالية العثور على وثيقة مجهولة كان قد كتبتها (نوستراداموس) ..
قالوا إنها انتقلت إلى ابنه بعد وفاته ومن ثم وهبت للبابا (أوربان الثامن) حيث لم يتسنى لها الظهور ثانية إلا بعد مرور 400 سنة !
وباستخدام آخر تقنيات تحليل البيانات قام د. (راذرفورد) بفك لغز التراكيب اللغوية المعقدة..
وبالفعل وصل إلى نموذج تنبؤي دعاه بـ (شفرة نوستراداموس) وعند ذلك تبين له الزمن الفعلي للحرب العالمية الثالثة ..واستنتج توالي الأحداث كما يلي :
1- البداية تكون من خلال تدمير برجي مركز التجارة العالمي وما يستتبعه من قلاقل بتعرض (أمريكا) لهجمات إرهابية متتالية على يد تنظيم القاعدة..وهذا حدث فلا جديد.. 
2- تقوم (أمريكا) بشن حروب على بعض الدول التي تؤوي تنظيم القاعدة..وهذا أيضا حدث (العراق وأفغانستان)
3- تشن دولة شرق أوسطية هجوما نوويا علي دولة أخري تطل علي البحر المتوسط لتؤجج حربا عالمية ثالثة..والمقصود هنا بالطبع (إيران) و (إسرائيل)..
4- يظهر (المسيح الدجال) في (إيران) وخداعه لآيات الله وتنصيبه لرئيس جديد يتم اغتياله قبيل اجتياح (أمريكا) ل (إيران)
5- تحدث حرب بين (أمريكا) و(إيران) وهجمات إرهابية كبري جديدة ومؤكدة ضد (الولايات المتحدة) ثم نشوء نظام عالمي جديد في مواجهة أعداء المسيح‏(Antichrist ) ‏
6- رئيس (أمريكا) سينتهك الدستور ‏‏ويواجه المجتمع الأمريكي توترا لم يشهد مثله منذ حرب (فيتنام) وفضيحة (ووترجيت)‏‏ ثم يندلع انشقاق خطير في الولايات الأمريكية بين المتصارعين على خلافة الرئيس لن يحسم إلا بإعادة الانتخابات
7- أخطاء الكمبيوتر ستفضي إلي كارثة أثناء مناورات عسكرية افتراضية تجريها (بريطانيا) مع حلفائها الأوروبيين ستدفع بأجهزة الصواريخ إلي العمل وستدفع بالطيران لإسقاط قنابل علي مدن أوروبية شهيرة مخلفة كارثة رهيبة
8- ثم تحدث الحرب الشاملة بين ((أمريكا) و(أوروبا) بمعاونة العرب) من جهة و(الصين) و(كوريا) و(اليابان) و(روسيا) و(إيران)) من جهة أخرى..وستكون حربا نووية طاحنة ستقضي على كل صور التكنولوجيا العصرية
9- ثم بعد ذلك يبدأ (المسيح الدجال) في نشر سطوته علي (آسيا) ودول (الشرق الأوسط )وتوحيد دول (شمال إفريقيا) قبل أن يبدأ مع نهاية العام في إخضاع (أوروبا) لسلطانه
10- ‏,‏ يبزغ نجم رجل ضئيل الحجم في واحدة من دول العالم الثالث (يقصد المهدي المنتظر) يحاول أن يجمع كلمة هذا العالم الثالث لمكافحة القوي العظمى ولسوف تشمل ساحة الصراع التي سيعمل من خلالها كل من (شرق أوروبا) و(الشرق الأوسط) وتحديدا منطقة (الأدرياتيكي) و(إسرائيل)
11- ثم تكون المواجهة النهائية بين أتباع (المهدي) وأتباع (الدجال) في (هرمجدون) في (فلسطين)..
وقد صدر الكتاب في أواخر عام 2007 بعنوان:
(شفرة نوستراداموس : الحرب العالمية الثالثة)
وعموما سيكون لنا بإذن الله مقال منفصل سنتناول فيه بالتفصيل تفاصيل أحداث نهاية الزمان ومعركة (هرمجدون)
......................................
مستمره
.............................................................
هل كان نوستراداموس مجرد ساحر أفاق ؟
ويوجز المعارضون كل ما سبق فيما يلي :
1- (نوستراداموس) ببساطة مجرد ساحر أفاق درس علم التنجيم وبرع فيه ركوبا للموجة التي كانت منتشرة في تلك الأيام..
2- ممارسته للسحر والتنجيم ساعدته في أن يظهر في صورة الرجل الخارق الذي ما إن يقول شيئا حتى يتحقق..فكلنا يعلم أن الساحر يأتيه الجن بخبر السماء في أحداث ستحدث في المستقبل القريب..
وهذا يفسر الأحداث التي تنبأ بها في حياته مثل حادثة البابا (سكستوس الخامس) أو الملك (هنري الرابع) أو واقعة الخنزير الأبيض..
3- أما إدعاؤه بأنه كان يتنبأ بأحداث في حياته ويكتمها عن الناس مترقبا حدوثها.. حتى إذا حدثت انبهر بها وزادت ثقته في قدراته فهو قول يؤخذ عليه لا له فضلا عن عدم وجود دليل يعضده..
4- أما نبوءاته بشأن الأحداث المستقبلية فقد صار من الجلي الآن أن نعلم أنه استقاها من اطلاعه على الكتب السماوية (التوراة والإنجيل)..وخصوصا التوراة التي استفاضت في شرح حوادث نهاية الزمان..ولا ننسى دور كتابي (أسرار مصر) و (ميرا بيليس) في نبوءاته باعترافه هو نفسه كما أسلفت..
قد يقول قائل إن الجن امتنع عن الإتيان بخبر السماء بعد بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم كما أخبرنا الله في سورة الجن حيث قال :
(وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا(8)وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا(9))
وأقول له صدقت ولكن انظر إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال:
(عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْوعَا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير،ُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. (وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاء)
..........................................................
العديد من نبوءاته لم تتحقق
والآن –يقول المعارضون- قبل أن نتحدث عن نبوءاته دعونا نسرد لكم بعض الوقائع من حياة الرجل تثبت بالدليل القاطع أنه كان مجرد أفاق نجح في خداع الجميع..
1- نشر (نوستراداموس) في عام 1553 نشرتين جويتين علي النقيض من بعضهما البعض تماما!!
2-بعد 4 سنوات من كتابة توقعاته عن الأحوال الجوية عجزت (تشفيجي) سكرتيرة (نوسنراداموس) عن الإشارة الي أي منها كحقيقية حدثت وتمت وكان تبريره  بأن سنة التحقيق لم تأني بعد.!!
3- في عام 1557 أصدر 300 نبوءة معدلة وثلاثة تقاويم مختلفة!! ثم في عام 1558 أصدر تقويمين مختلفين تماما!!!
4- اختلاف (حظك اليوم) من ذات الأبراج حينما تقرأ عنها في مجلتين مختلفتين من المجلات التي كانت تنشر له.
5- تنبأ بوفاة أثنين من الباباوات في عام 1554 وقد حدث هذا بالفعل بعد ذلك بعام مما أثار دهشة العامة.. ولكن بنظرة إلى البابين المذكورين نجد أن كلا منهما كان قد بلغ من الكبر عتيا..وكانا في حالة صحية سيئة فلابد للموت أن يحلق فوق رأسيهما..
فمثلا هب أن أحدهم قال : إني أتنبأ بحدوث حرب طاحنة في الشرق الأوسط في العام القادم..أو حدوث هجمات إرهابية على (أميركا).. أو زلزال مدمر في اليابان..فهذا أمر بديهي يتوقع الجميع حدوثه..
6- قامت صحيفة (أخبار ليوتنزي)في صيف عام 1555 بعمل حوار صحفي مع الكاتب الشهير(دورانت فيدل)انتقد فيه (نوستراداموس) بل واتهمه أيضا بسرقة عشرة كراون من امرأة في مدينة (ليون) وهو في طريقه الي قصر الملك.. وذلك بإعطائها (روشتة) زائفة ولا قيمة لها.. ولما صاحت المرأة :
(أعد لي مالي فوصفتك لا قيمة لها).. رفض الرجل رد ما سلبه منها بلا أدني خجل وبكل وقاحة.
7- قام الفيلسوف الأشهر(يوليوس سيزار سكاليجر)  بقطع علاقته مع (نوستراداموس) واتهمه بأنه مغرض خبيث ومصدر لاختراع الأكاذيب ومتسول ومجرم.
8- طلبت المكلة (كاترين) من (نوستراداموس) أن يسأل الجن عن مصير أولادها بعد موت زوجها (هنري الثاني) فقام (نوستراداموس) باستدعاء الجن عن طريق التحديق في المرآة السحرية..
ورأت الملكة في المرآة السحرية أولادها تباعا..
حيث ظهر(فرانسيس الثاني)  يتجول في حديقة فسيحة خيالية وهو متوج ثم ظهر (تشارلز) الذي صار ملكاً بعد (فرانسيس الثاني) وكان يدور في ذات الحديقة وتكرر ظهوره على المرآة السحرية أربعة عشر مرة وأخيرا ظهر (هنري الثالث) أخوهم الأصغر في المرآة ودار في الحديقة الخيالية وتكرر ظهوره على المرآة ستة عشر مرة وقد فسر لها (نوستراداموس) ذلك بقوله :
كل دورة تمثل عاماُ من الملك لذلك ف(فرانسيس الثاني) سيموت سريعا بعد عام من الحكم ثم يخلفه الأخ الثاني (تشارلز) والذي سيحكم لمدة 14 عاماً ثم يليه أخوه (هنري الثالث) والذي سيحكم لمدة16 عاماً..
وقد حدث ذلك بالفعل..
9- تنبأ بوفاته هو شخصيا في نوفمبر من عام 1557 وبالطبع لم يحدث حيث توفي في يوليو من عام 1566..بل إن الأدهى من ذلك أن زوجته هي من استدعت القس المحلي لمساعدته والتخفيف عنه قبل يوم من وفاته لأنه كان يحتضر ويعاني سكرات الموت..أما الذي أشرف على جنازته ودفنه واقفا بنفسه في الكنيسة فهو ذات القس الذي مات ميتة طبيعية في فراشه عام 1572..وهذا ثابت تاريخيا ويبين بالدليل القاطع كذب نبوءته بخصوص من سيقومون بدفنه...
10- ادعي) نوستراداموس) في عام 1555 أن نبوءاته منزلة من السماء وبهذا أعطاها مكانة سامية لا يستطيع أحد أن يطعن فيها.
وقد أضاف (نوستراداموس) بعد كل تنبؤاته عبارة (الله سبحانه هو فوق كل النجوم) لكي يجد لنفسه مخرجا إن لم تتحقق أي من هذه النبوءات مدعياً أن الله سبحانه غير مجري الأحداث وتدخل فيها ..
وعليه فتحقيق النبوءات من عدمه أمر غير مرتبط بصحة النبوءة لكن العبء يقع كله على الله .
ومن الطبيعي أن يعطي هذا إيحاء للعامة أن (نوستراداموس) كان له (خط مفتوح مع الله) لم يتمتع به شخص آخر.
ويحذرنا الكتاب المقدس بكل وضوح في سفر التثنية) أصحاح 18: 10-12)
(لا يوجد فيك من يعرف عرافة ولا ساحر ولا من يرقي رقية ولا من يسأل جاناً أو تابعة ولا من يستشير الموتى لأن من يفعل ذلك مكروه عند الرب)
وللأسف فرجل مثل (نوستراداموس) يقع في هذه الطائفة المكروهة والممنوعة عند الرب
من المثير أن تقرأ عن صحة ودقة أنبياء العهد القديم في التنبؤ.. وكان عقاب النبوة الخطأ هو الرجم.
وفي العهد الجديد يوضح لنا الوحي أن التنبؤ هو هبة من الله والنبوة الحقيقية مصدرها الحقيقي هو الله .. ولكون الله سبحانه خارج حدود الزمان والمكان فلا يمكن له أن يكذب وهو يخبر بالنهاية من البداية لأنه مطلع على كل شيء
ولذلك فإن الأنبياء الحقيقيون هم الذين لا يخطئون لان مصدر نبواتهم من الله تبارك وتعالى وهو معصوم من الخطأ ..
والآن- يقول المعارضون– سنكشف لكم بالدليل القاطع مدى كذب الرجل..
سنعقد مقارنة بسيطة بين المتنبئ (نوستراداموس) وبين أنبياء الله الحقيقيين مستعينين بنصوص محددة من الكتاب المقدس..
بمعنى أوضح..سنجيب على سؤال هام تبادر لذهن كل من قرأ عن الرجل..
هل الرجل نبي حقا وعلى صلة بالله؟؟..أم أنه مجرد متنبئ كذاب؟؟
وما الفارق بين نبوءة الكتاب المقدس ونبوءة (نوستراداموس)؟؟
علي النقيض من التكهنات الغامضة التي ادعاها (نوستراداموس) فان الكتاب المقدس في غاية الدقة ويتحدث بتفصيلات محددة عن احتمالات حدوث الحرب العالمية الثالثة ..
1- لقد أشار الكتاب المقدس الي (يوم الرب) والمدون في سفر ( أشعياء إصحاح 13 ) والمرتبط ببابل والموجود اليوم بالعراق وطبقا لنبوة أشعياء فإن رب الجنود سيأتي بجيوشه ضد بلد بعيد من أقاصي الأفق ويستخدمه كأداة تأديب ليدمر أراض كثيرة
وعند مقارنة تلك النبوءات مع نبوءات (نوستراداموس) نجد أن الأخيرة غامضة وعسيرة الشرح والتفسير..
لقد ذكرت أسفار العهد القديم حوالي 300 نبوءة تتعلق بالمسيح الآتي وقد تحققت كلها في شخص يسوع المسيح.. وقد دونت في طيات الوحي قبل ظهوره..
مثل مكان ميلاده (ميخا 5: 2) وزمن ميلاده (دانيال 9: 25- تكوين 49: 10) وطريقة ميلاده (أِشعياء7: 14) .. ثم خيانته (مزمور 41: 9) و (زكريا 11:12 و13)..وطريقة موته (مزمور 22: 16) سلوك الحاضرين لموته ( اشعياء50: 6 ، ميخا 5: 1 ، مزمور 22: 7، 8 ، أشعياء 53: 3 ، مزمور69: 8 ، مزمور 118: 22 )..وآلامه (زكريا 12: 10 ، مزمور 22: 16) ..ودفنه (أشعياء 9:53  ..(
كل هذه النبوءات تفوه بها الأنبياء المذكورين عبر مئات السنين قبل ميلاد السيد المسيح وأيضا كان البعض منها يتحدث عن صلبه (مزمور 22: 16 ، زكريا 12: 10 ، أشعياء 53: 6) وذلك قبل أن يدخل الرومان عقوبة الصلب في الشرق الأوسط.. فقد كان الرجم هو العقاب المعروف قبل أن يستخدم طريقة التعذيب بالصلب في منطقة الشرق الأوسط لاحقا..
تنبأ بظهور المسيح الدجال ولم يظهر
2- ضد المسيح (المسيح الدجال)
إن احد امتيازات القرن الواحد والعشرين هو القدرة علي الرجوع الي الكتب المدونة في القرن العشرين والسخرية من التكهنات الكاذبة التي لم تتحقق
فمثلا تحدث (نوستراداموس) عن ملك الفولاذ وحدد ظهوره بحلول عام 1999 ولم يظهر حتى الآن..
كما لم يسمع أحد عن ( ابن الشرق) الذي أشارت إليه (جين ديكسون) والتي قالت عنه أنه (ضد المسيح) (المسيح الدجال) وكان مكتوباً له أن يولد كما حددت هي في عام 1962 ولم يسمع عنه حتى الآن أيضا..
. في حين يقدم لنا الكتاب المقدس معلومات وفيرة عن النبي الكذاب (المسيح الدجال) واليك بعض الشواهد التي تتحدث عن أنه شخص يقع تحت لعنة الله الأبدية.
نقرأ في (دانيال 11: 36-39) الآتي:
(ويفعل الملك (النبي الكذاب) كإرادته ويرتفع ويتعاظم على كل إله وبتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضي به يجري. ولا يبالي بآلهة آبائه ولا لشهوة النساء وبكل إله لا يبالي لأنه يتعاظم على الكل.. ويكرم إله الحصون في مكانه وإلها لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب والفضة والحجارة الكريمة والنفائس ويدخل في الحصون الحصينة بإله غريب من يعرفه يزيد مجداً ويسلطهم على كثيرين ويقسم الأرض أجرة)
هذه النبوءة التي كتبها (النبي دانيال) بإلهام الروح القدس والمحددة تختلف عن نبوءات (نوستراداموس) الذي يكتب الكثير الذي لا يحوي إلا أقل القليل المحدد.. وهذا هو الفارق بين الغث والسمين..
هذا غير نبوءات أخرى عديدة يزخر بها الكتاب المقدس وتتحدث بالتفصيل عن (المسيح الدجال) وتفاصيل ظهوره وأفعاله والأحداث التي تتلو ذلك إلى قيام الساعة والتي سنتعرض لها بالتفصيل في مقال منفصل بإذن الله...
.....................................................................
مستمره